أين أزمعت عن حماك المسيرا – جبران خليل جبران

أين أزمعت عن حماك المسيرا … أنا أخشى أدنى التنائي كثيرا

يا حبيبي أراحل فمطيل … زمنا كان باللقاء قصيرا

ما عددنا بغير طيبة الساعات … أيام سعده والشهورا

أكذا يقطع النظيم من العقد … ويلقى بدره منثورا

رفهي عنك يا جمال حياتي … هل لنا أن نخالف المقدورا

لم يكن حادث ليحجب عيني … عن مناها وأرتضيه قريرا

غير هذا الذي دعاني مجابا … وتعالى عن الخلاف أميرا

ما ترى ذلك المفرق بين الروح … والجسم عامدا ليضيرا

ذلك الظالم العتي الذي يقتل … لا واترا ولا موتورا

فاصل التوأمين عنفا وكانا … مطمئنين يرضعان السرورا

لا تلومي فرب خاف إذا ما … بان عاد العذول فيه عذيرا

أنا أمضي مدافعا عن بلادي … ذائدا دونها العدو المغيرا

أجميل وقد دعتني أني … أوثر المكث والفراش الوثيرا

شجعيني على فراق نعيمي … واجعلي قلبي الجزوع صبورا

خاطبي زوجك الأمين وقولي … أنا أهوى ليثي أبيا هصورا

إنني إن أعد فكل شقاء … مستعاض بألف ضعف حبورا

وإذا لم أعد ليسلك أني … لم أعش خاملا ومت كبيرا

يا حبيبي يا سيدي يا مليكي … يا قريني يا قلبي المفطورا

يا صديقي يا والدي يا شقيقي … يا وليدي يا شطري المأثورا

إن يتم الأوطان أبلغ من ثكل … الثكالى أذى وشر نكيرا

سر وفوضت للمهيمن أمري … سر وإياه أسأل التدبيرا

سر وكافح واسفك بغير جناح … من دم المعتدي دما مهدورا

إنما حاذر المنون ولا تنس … عروسا عليك منها غيورا

خذ فؤادي واجعله درعك يدرأ … عنك شرا من العدى مستطيرا

فإذا لم يرد عنك الشظايا … فليكن قبل أن تصاب كسيرا