أيأتي نبيٌّ يَجعَلُ الخَمرَ طِلقَةً، – أبوالعلاء المعري

أيأتي نبيٌّ يَجعَلُ الخَمرَ طِلقَةً، … فتَحمِلَ ثُقْلاً من هُمومي وأحزاني

وهيهاتَ، لو حَلّتْ لما كنتُ شارباً … مُخَفِّفَةً، في الحِلمِ، كِفّةَ ميزاني

إذا خزَنوني في الثّرى، فمَقالدي … مُضيَّعَةٌ، لا يُحسِنُ الحفظَ خُزّاني

كأنّيَ نَبتٌ مَرّ يَومٌ وليلَةٌ … عليّ، وكانا منفَضينِ، فجَزّاني

هما بَدَوِيّانِ، الطّريقَ تَعرّضا، … وبُرديّ، من نَسجِ الشبيبَةِ، بزّاني

قَوِيّانِ عَزّاني علَيهِ، وأوقَعا … بغَيرِيَ ما بي أوقَعاهُ، فعَزّاني

وما ضَيّقَا أرضي، ولكنْ أراهُما … إلى الضّنكِ، من وجهِ البسيطةِ، لزّاني

وما أكَلا زادي، ولكنْ أكَلتُهُ، … وقد نَبّهاني للسُّرى واستَفَزّاني

ولم يَرْضَيا إلاّ بنَفسي من القِرى، … ولو صُنتُهُ، عن طارقيّ، لأحزاني

وما هاجَ ذكري بارقٌ نحوَ بارقٍ؛ … ولا هَزّني شَوقٌ لجارةِ هَزّان

بَلِ الفَتَيانِ، اعتادَ قَلبي أذاهُما، … يشيمانِ أسيافَ الرّدى، ويهُزّان

عزيزانِ باللَّهِ، الذي ليسَ مثلُهُ، … يُذِلاّنِ في مِقدارَهِ، ويُعِزّان

وكم فَتكا، والحِسُّ قد بانَ عَنهما، … بأهلِ وُهودٍ، أو جبالٍ وحِزّانِ

وما تَرَكا تُركَ القِبابِ، وغادَرا … برُمحينِ، أو جُرزَينِ، أُسرَةَ جُرزان

سلا غابَ تَرْجٍ والأُنَيعمَ كم ثَوَى، … بذاكَ وهذا، من أُسودٍ وخُزّان