أنا كل الوجود والكائنات – عبدالغني النابلسي

أنا كل الوجود والكائنات … أنا كل الأرواح كل الذوات

أنا كل العقول بل كل شيء … في جميع الأزمان والأوقات

ليس كل الوجود إلا أسامي … والمسمى بكل ذلك ذاتي

والتباسي عليك حيث لباسي … كل شيء يلقيك في الآفات

يا بني هذه العصابة إني … جاعل حبكم مكان حياتي

لي فؤاد يحن شوقا إليكم … كل حين في سار الحالات

إنما نحن واحد نتجارى … في بحار الوجود كالموجات

لمحات تلوح من نور أمر … وبقاء الجميع في اللمحات

ولعين العيون في كل شأن … صور تستقل عند عداتي

والتجلي في كل نوع مفيد … عكس ما نحن فيه والحق آت

واقترابي تباعدي وعلومي … عين جهلي والنفي في إثباتي

حبذا ضجة السماع سحيرا … إن تكن بالدفوف والنايات

وصرير الطنبور والجنك لما … شاكلته رقيقة النغمات

وصياح السنطير للهو يدعو … وكؤوس الطلا بأيدي السقاة

مجلس فيه موسم للأماني … وهو بالأنس حف واللذات

سيما والملاح تخطر فيه … بوجوه محمرة الوجنات

هذه هذه المظاهر لاحت … لا خصوص الشخوص والهيآت

صرخ الناي فاستمع يا نديمي … وتنصت لهذه النفخات

وتأمل ما في سماعك منه … وخذ الأمر من يد الأصوات

صور تلك في السماع تجلت … ثم ولت وما لها من ثبات

واضطراب الجسوم بالوجد يحكي … دوران الأفلاك بالحركات

عارف الله عارف كل شيء … وسواه من جملة الأموات

كثر القول من ذي الجهل فينا … فالصواب السكوت بالإخبات

قولهم صادق عليهم لأن الحكم … فرع عن التصور آت

والذي نحن فيه هم في سواه … أين نور الهدى من الظلمات

لو يحوزون ذرة من صواب … تركونا وهذه الآيات

يا أخي العين لو ترى بك ما بي … كنت مثلي تفوه بالشطحات

أنا صب أهيم في كل شي … حيث ألغيت جمل الكائنات

وتجلت علي ذات خمار … نورها لاح من جميع جهاتي

وأنا حافظ قضية حكمي … والحدود التي بهن نجاتي

فلهذا أحب كل لذيذ … وفؤادي يدوم في الشهوات

وأنا مغرم بكل مليح … في حياتي هنا وبعد مماتي

وإذا لامني الجهول أنادي … حسبك الجهل عن أتم صفاتي