أمشيع أنا كل يوم ذاهبا – جبران خليل جبران
أمشيع أنا كل يوم ذاهبا … ومشيع في الإثر قلبا ذائبا
يا صاحبي أخلفت لي أمنية … كانت دعائي لا عدمتك صاحبا
أقوت معاهدنا وكانت بالهوى … معمورة فإخالهن خرائبا
وأرى وجوه الشاهدين كأنها … تتفقد الوجه المنير الغائبا
كنت الأخ المحبوب والإلف الذي … لم ينس مفترضا ويهمل واجبا
إن كان في عيشي وقد فارقته … طيب فليس العيش بعدك طائبا
إن الذي كابدت فيه محاذرا … ومصابرا لم يبق فيه راغبا
توفيق أخطأك الذي تدعى به … والموت لا يرعى لحي جانبا
أين الكلام الحلو تسقاه المنى … كالشهد مهما يختلفن مشاربا
أين الأحاديث اللطاف وكلها … سير ملئن طرائفا وغرائبا
أين المليح بخلقه وبخلقه … ألطاهر الشيم النقي مآربا
سامي الشمائل فطرة لم يتخذ … من غيرهن مراتبا ومناصبا
يجني عليه فما تراه حاقدا … أو يستفز فما تراه غاضبا
ويظل بساما فما هو وجهه … بل قلبه وسواه يبسم كاذبا
أخلاق إنسان بمعناه الذي … صقلت أحقاب فتم مناقبا
أحسيب إن تسلب أخالك فإنني … شاك كما تشكو الزمان السالبا
قد كنت أستاذي فهل أنا واجد … قولا يثبت منك قلبا واجبا
يكفي عزاء تركه الدنيا وقد … ملئت أسى وفواجعا ونوائبا
فليلق عند إلهيه ما لم يكن … لينال فيها من منى ورغائبا