أمسى دمشقيُّ الأمير ودهرُه – ابن الرومي
أمسى دمشقيُّ الأمير ودهرُه … ملقٍ عليه بركَهُ وجِرانَهُ
والى عليه مصيبتين أفاضتا … عبراتِه واستذكَتا أحزانه
بأخٍ شقيقٍ بعد أُم بَرة ٍ … بالأمس قطَّع منهما أقرانه
وأجلُّ رُزءيه أخوه فإنه … قد كان مُنصَلَهُ وكان سنانَهُ
فليُحيِه الملك الهُمام فلم يَفت … مَحياهُ قدرتَهُ ولا سلطانه
وحياتُه لي أن أقوم مقَامَه … وأسُدُّ من دار الأمير مكانَهُ
كيلا أرى أحداً يُقاتُ برزقه … غيري ويُوطَنُ بَعْده أوطانه
ومتى خلفتُ أخي هناك فإنما … أنا روحُه إن لم أكن جثمانه
فهل الأمير بذاك مُسعِفُ عبدِهِ … متطولا ومُكمِّلا إحسانه
أم لا فعبدُك باسطٌ لك عذرَه … إمَّا أبيتَ ولائمٌ حرمانَهُ
أنَّى يلومُك طائعا من لا يرى … ما دمتَ حيا أن يلومَ زمانَهُ
وأظن أنك لا محالَة مُسعِفي … ظنا سيتْبَعُ شكُّه استيقانه
لِترُبَّ ما قد كنت توليه أخي … عندي وتعمرَ جانبي عمرانَهُ
لستَ الذي يُولي الوليَّ صنيعة ً … حتى إذا حَينُ الوليَّ أحانَهُ
كنتَ الذي يرثُ الصنيعة َ بعدَهُ … لكنْ يورّثُها ولو جيرانه
كيما تتُم لك الصنيعة ُ عنده … حَيا ومَيْتاً لابساً أكفانه
ولكي تبايَن كلَّ مُنعم نعمة ٍ … سلب الزمانُ وليَّهُ فأعانَهُ
وكم امريء سلبتْ يداهُ وليَّهُ … مع دهره الخوَّانِ لمَّا خانه
وأخي كبعض الغَرس كنتَ تَرُبّه … حتى تخوَّن يُبسه عيدانَه
وأحقُّ مصروفٍ إليه شِرْبَهُ … مَنْ واشَجَتْ أغصانُهُ أغصانَهُ
فإِليَّ فاثنِ عِنانَ سَيْبك بعدَهُ … فأحَقُّ من تَثْني إليه عِنانَهُ