ألمْ تَكُ لِلمُلوكِ الغُرِّ تاجا – ابن الخياط
ألمْ تَكُ لِلمُلوكِ الغُرِّ تاجا … وللدُّنيا وعالمها سراجا
ألمْ تَحْلُلْ ذُرَى المَجْدِ التهاماً … بغاياتِ المكارِمِ والتهاجا
لقد شَرُفَ الزمانُ بكَ افتخاراً … كَما سَعُدَ الأنامُ بكَ ابتهاجاً
رأوا مَلِكاً أنامِلُهُ بِحارٌ … من المعروفِ تلتَجُّ التجاجا
حقيقاً أنْ يُجابَ على الليالي … بهِ ثوبُ الثناءِ وأنْ يُساجا
يكادُ الغيثُ يشبِهُهُ سماحاً … إذا انْهَلَّ انْسِفاحاً وانثِجاجا
أغرُّ يهيجُ طِيبُ الذِكرِ منهُ … هوى ً برجائِهِ ما كانَ هاجا
تَبِيتُ رِكابُنا ما يَمَّمَتْهُ … تُخالِجُنا أزِمَّتَها خِلاجا
كأنَّ العَيسَ خابِرَة ٌ إلى مَنْ … بنا تطوِي المخارِمَ والفجاجا
كأنَّ الفوزَ بالآمالِ تُمْسِي … إليْهِ النّاجِياتُ بهِ تُناجا
مليٌّ حينَ ينذَرُ بالأعادِي … وأمْضى العالمينَ إذا يُفاجا
يَرُوحُ وخيلُهُ تَخْتالُ تِيهاً … بأشجعِ منْ بها شهدَ الهياجا
وما المِسْكُ السَّحِيقُ إذا امتَطاها … بأهلٍ أن يكونَ لها عجاجا
يطُولُ بِها الثَّرى إنْ صافَحتْهُ … وإنْ سلَكَتْ بهِ سُبُلاً فِجاجا
كأنَّ بسهلهِ والحزنِ منْها … عِضاضاً للِسَّنابِكِ أوْ شِجاجا
مددتَ إلى اقتناءِ الحمدِ كفّاً … طَمى بَحْرُ السَّماحِ بِها وماجا
وغادرت العوالِيَ بالمعالِي … كَخيسِ الليثِ عزَّ بهِ وِلاجا
وأنْتَ جَعَلْتَ بينَهُما انتِساباً … بما آلى إباؤُكَ وانتِساجا
ضربْتَ منَ الظُّبى سُوراً عليها … ومنْ شوكِ الرماحِ لها سياجا
ولَمْ تَقْنُ القَنا يَوْماً لِتَقْضي … بغيرِ صدُورِها للمجدِ حاجا
ولولا الطعنُ في الهيجاءِ شزراً … لما فضلَتْ أسنتُها الزِّجاجا
إذا داءٌ مِنَ الأيامِ أعْيا … على الأيّامِ طِبّاً أوْ عِلاجا
أعَدْتَ لهُ بِبِيضِ الهِنْدِ كَيًّا … وأشفى الكَيِّ أبلَغُهُ نِضاجا
وكمْ سَيْلٍ ثَنَيْتَ بِها وَمَيْلٍ … أقمتَ فلمْ تدعْ فيه اعوجاجا
وقَيلٍ قدْ دلَفْتَ لهُ بَخَيْلٍ … كشُهْبِ القذْفِ ترتهِجُ ارتهاجا
كأنَّ دّبى ً ورِجلاً منْ جرادٍ … بها والغابَ يُرْقِلُ والحِراجا
عصفْنَ بعزِّهِ وضربْنَ منهُ … معَ الهامِ المعاقِدَ والوداجا
وكنتَ إذا علَوْتَ مطا جَوادٍ … مَلأْتَ الأرْضَ أمْناً وانْزِعاجا
وكمْ أحْصَدْتَ منْ عقدٍ لجارٍ … ولا كرَباً شددتَ ولا عناجا
إذا باتَتْ لأبناءٍ عِظامٍ … بناتُ الصدرِ تعتلِجُ اعتلاجا
جزاكَ الله نصْراً عنْ مساعٍ … حَميْنَ الدِّينَ عِزّاً أنْ يُهاجا
فلمْ تكُ إذْ تمورُ الأرضُ موراً … وترتجُّ الجبالُ بها ارتجاجا
لِثَغْرِ مَخُوفَة ٍ إلاّ سِداداً … وبابِ مُلمة ٍ إلا رِتاجا
ولمْ تَضِقِ الخُطوبُ السودُ إلا … جعَلْنَا مِنْ نَداكَ لَها انفِراجا
كفى ظلمَ النوائِبِ والليالِي … ببهجتكَ انحِساراً وانْبِلاجا
وحسْبُ العِيدِ عِيدٌ مِنْكَ يَحْظَى … بهِ ما عادَ مُرْتَقِباً وَعاجا
فدُمْتَ لهُ وَلِلنِّعَمِ اللَّواتِي … غدَوْتَ بِها لِرَبِّ التّاجِ تاجا
تجلُّ حِلى ً إذا ما القطْرُ حلى … بَريِّقهِ الأناعِمَ والنَّباجا
إذا ما كنتَ تاجَ عُلى ً فَمنْ ذا … يَكُونُ لكَ الجَبِينَ أوِ الحَجاجا
إليكَ زففتُ أبكارَ القوافِي … وُحاداً كالفَرائِدِ أوْ زَواجا
سوامِي الهمِّ لا تعدوكَ مدْحاً … إذا اخْتَلَجَ الضَّمِيرُ بها اخْتِلاجا
تَزُورُ عُلاكَ مَرّاً وانْثِناءً … وقَصْداً بِالمَحامِدِ وانْعِراجا
فكمْ شادٍ لها طَرِبٍ وحادٍ … بها غَرِدٍ بُكُوراً وادِّلاجا
وكمْ راوٍ كأنَّ بِفيهِ منْها … مُجاجَ النحْلِ حُبَّ به مُجاجا
يَزِيدُ بِها الشَّجِيُّ شجى ً وَبَثًّا … ويهتاجُ الخَليُّ بها اهتياجا
أقُولُ بِحَقِّ ما تُسْدِي وتُولِي … وَلَيْسَ بِحَقِّ مَنْ حابى وَداجا
وأنْتَ أعَدْتَ لِي بِيضاً حِساناً … لَيالِيَ دَهْرِي السُّودَ السِّماجا
أتيتُكَ لمْ أدَعْ للحظِّ عُذْرا … إليَّ ولا عليَّ لهُ احتجاجا
ولمْ أجْعَلكَ دُونَ الخلْقِ قصْدِي … لتجْعَلَ لي إلى الخلقِ احتياجا
أقيمُ على الصَّدى ما لمْ يُهبْ بي … إلى الوِرْدِ الكَرِيمِ ولَمْ يُجاجا
فكمْ جاوَزْتُ مِن عَذْبٍ زُلالٍ … إليْكَ أعُدُّهُ مِلْحاً أُجاجا
إلى مَلِكٍ سقى الإحْسانَ صِرْفاً … فلمْ يَذَرِ المَطالَ لهُ مِزاجا
سنِيِّ البذْلِ ما حملتْ تماماً … مواعدُهُ ولا وضعَتْ خِداجا
وخيرُ لقائِحِ المعروفِ عندَ النـ … ـدى ما كانَ أسرَعها نِتَاجا
إذا ما عاتَبَ الأيّامَ حُرٌّ … بغيرِكَ لمْ تزِدْ إلا لجاجا