ألا حيِّ ذَا الْبَيْتَ الذِي لستُ ناظِراً – بشار بن برد

ألا حيِّ ذَا الْبَيْتَ الذِي لستُ ناظِراً … إِلَى أهْلِهِ إِلاَّ بكَيْتُ إِلى صَحْبي

أزورُ سواهُ والهوى عندَ أهلهِ … إذَا ما اسْتخفَّتْنِي تَباريحُ مِنْ حُبِّي

وإن نال منِّي الشَّوقُ واجهتُ بابها … بإنْسانِ عيْنٍ ما يُفيقُ من السَّكْبِ

كما ينْظُرُ الصَّادي أطال بمنْهلٍ … فحلأَّهُ الورَّادُ عنْ باردٍ عذب

تَصُدُّ إِذَا ما النَّاسُ كانتْ عُيُونهُم … علينا وكنَّا للمشيرينَ كالنَّصبِ

على مضمرٍ بين الحشا من حديثنا … مَخَافَة َ أنْ تَسْعَى بنا جارة ُ الْجَنْبِ

يُفَنِّدُني «عبْدُ الْعزيز» بأنَّني … صبوتُ إلى “الذَّلفاء” حين صبا تربي

وما ذنبُ مقدورٍ عليهِ شقاؤهُ … من الْحُبِّ عند اللَّه فِي سَابقِ الْكُتْبِ

لقد أعجبتْ نفسي بها فتبدَّلتْ … فَيَا جهْدَ نفْسي قَادَها للشَّقا عُجْبي

وإنِّي لأخشى أنْ تقودَ منيَّتي … مَوَدَّتُها، والْخَطْبُ يَنْمي إِلَى الْخَطْبَ

إِذَا قُلْتُ يَصْفُو مِنْ «عُبَيْدَة َ» مَشْرَبٌ … لحرَّانَ صادٍ كدَّرتْ في غدٍ شربي

وقدْ كنتُ ذا لبٍّ صحيحٍ فأصبحتْ … «عُبَيْدَة ُ» بالْهِجْرَان قَدْ أمْرَضَتْ لُبِّي

وَلَسْت بأحْيَا منْ «جَميلِ بن مَعْمَرٍ» … وَ”عروة َ” إنْ لمْ يشفِ منْ حبِّها حسبي

إِذَا عَلِمَتْ شَوْقِي إِلَيْهَا تَثَاقَلَتْ … تثاقلَ أخرى بانَ من شِعبها شِعبي

فلو كانَ لي ذنبٌ إليها عذرتها … بهجري ولكنْ قلَّ في حبِّها ذنبي

وقدْ منعتْ منِّي زيارتَها الَّتي … إِذَا كَرُبَتْ نَفْسِي شَفَيْتُ بِهَا كَرْبِي

فأصبحتُ مشتاقاً أكفكفُ عبرة ً … كَذِي الْعَتْبِ مَهْجُوراً ولَيْسَ بَذي عَتْبِ

كَأنَّ فؤَادِي حينَ يَذْكُر بَيْنَهَا … مَريضٌ ومَا بي من سَقَام ولا طَبِّ

أحَاذِرُ بُعْدَ الدَّار والْقُرْبُ شَاعفٌ … فَلاَ أنَا مَغْبُوطٌ ببُعْدٍ ولاَ قُرْبِ