ألا أينَ الأُلى سَلَفُوا، – أبو العتاهية
ألا أينَ الأُلى سَلَفُوا، … دُعُوا للموتِ واختُطفُوا
فَوَافَوْا حِينَ لا تُحَفٌ، … ولا طُرفٌ ولا لُطفُ
تُرصُّ عليهمِ حُفرٌ … وتُبنَى ثمَّ تنخسفُ
لهُمْ مِنْ تُربِهَا فُرُشٌ … وَمِنْ رَضراضِها لُحُفُ
تَقَطّعَ مِنْهُمُ سَبَبُ الـ … الرجاءِ فضيعوا وجُفُوا
تَمُرّ بعَسكَرِ المَوْتَى ، … وَقَلْبُكَ مِنْهُ لا يَجِفُ
كأنّ مُشَيّعيكَ، وقَدْ … رَمَوْابكَ، ثَمّ، وَانصرَفوا
فُنُونُ رَداكِ، يا دُنْيا، … لعمرِي فوقَ ما أصفُ
فأنتِ الدارُ فيكِ الظلمُ … ـمُ، والعُدوانُ، والسّرَفُ
وأنتِ الدارُ فيكِ الهمُّ … والأحزانُ والأسفُ
وأنتِ الدارُ فيكِ الغدْ … رُ، والتّنغيصُ، والكُلَفُ
وَفيكِ الحَبْلُ مُضطَرِبٌ؛ … وَفيكِ البالُ مُنكَسِفُ
وفيكِ لساكنيكِ الغبنُ … والآفاتُ والتلفُ
وَمُلْكُكِ فيهِه دُوَلٌ، … بهَا الأقدارُ تختلفُ
كأنَّكِ بينهمْ كُرة ٌ … تُرامَى ثم تُلتَقَفُ
ترى الأيامَ لا يُنظِرْ … نَ والساعاتِ لا تقِفُ
ولَنْ يَبقَى لأهْلِ الأرْ … ضِ لا عزٌّ، وَلا شَرَفُ
وكُلٌ دائمُ الغفلا … تِ والأنفاسُ تختطفُ
وأيُّ الناسِ إلا مُوْ … قِنٌ بالموتِ مُعتَرِفُ
وَخَلْقُ اللّهِ مُشْتَبِهٌ، … وسعْيُ الناسِ مُختلِفُ
وما الدنيَا بباقية ٍ … ستُنْزَحُ ثمَّ تُنتسَفُ
وقولُ اللهِ ذاكَ لنَا … وليسَ لقولهِ خُلُفُ