أقَنَاعَة ً، مِنْ بَعدِ طُولِ جَفاءِ، – أبو فراس الحمداني

أقَنَاعَة ً، مِنْ بَعدِ طُولِ جَفاءِ، … بدنوِّ طيفٍ منْ حبيبِ ناءِ

بأبي وأمي شادنٌ قلنا لهُ : … نَفْدِيكَ بِالأمّاتِ وَالآباءِ

رشأ إذا لحظَ العفيفَ بنظرة ٍ … كانتْ لهُ سبباً إلى الفحشاءِ

وَجَنَاتُهُ تَجْني عَلى عُشّاقِهِ … ببديعِ ما فيها من اللألآءِ

بِيضٌ عَلَتها حُمْرَة ٌ فَتَوَرّدَتْ … مثلَ المدامِ خلطتها بالماءِ

فكأنما برزتْ لنا بغلالة ٍ … بَيْضَاءَ تَحْتَ غِلالَة ٍ حَمْرَاءِ

كيفَ اتقاءُ لحاظهِ ؛ وعيوننا … طُرُقٌ لأسْهُمِهَا إلى الأحْشاءِ؟

صَبَغَ الحَيَا خَدّيْهِ لَوْنَ مدامعي … فكأنهُ يبكي بمثلِ بكائي

كيفَ اتقاءُ جآذرٍ يرميننا … بظُبى الصّوَارِمِ من عيونِ ظِباءِ؟

يا ربِّ تلكَ المقلة ِ النجلاءِ ، … حاشاكَ ممَّـا ضمنتْ أحشائي؟

جازيتني بعداً بقربي في الهوى … وَمَنَحْتَني غَدْراً بِحُسْنِ وَفائي

جَادتْ عِرَاصكِ يا شآمُ سَحَابَة ٌ … عَرّاضة ٌ مِنْ أصْدَقِ الأنْواءِ

بَلَدُ المَجَانَة ِ وَالخَلاعَة ِ وَالصِّبَا … وَمَحَلُّ كُلِّ فُتُوّة ٍ وَفَتَاءِ

أنْوَاعُ زَهْرٍ وَالتِفَافُ حَدَائِقِ … وَصَفَاءُ مَاءٍ وَاعْتِدالُ هَوَاءِ

وَخَرَائِدٌ مِثْلُ الدُّمَى يَسْقِينَنَا … كَأسَيْنِ مِنْ لَحْظٍ وَمن صَهْبَاءِ

وَإذا أدَرْنَ على النَّدامَى كَأسَهَا … غَنّيْنَنَا شِعْرَ ابنِ أوْسِ الطّائي

فارقتُ ، حينَ شخصتُ عنها ، لذتي … وتركتُ أحوالَ السرورِ ورائي

و نزلتُ منْ بلدِ ” الجزيرة ِ ” منزلاً … خلواً من الخلطاءِ والندماءِ

فَيُمِرُّ عِنْدي كُلُّ طَعْمٍ طَيّبٍ … من رِيْقِهَا وَيَضِيقُ كُلُّ فَضَاءِ

ألشّامُ لا بَلَدُ الجَزيرة ِ لَذّتي … و ” قويق ” لا ماءُ ” الفراتِ ” منائي

وَأبِيتُ مُرْتَهَنَ الفُؤادِ بِمَنبجَ السّـ … ـوداءِ لا ” بالرقة ِ ” البيضاءِ

منْ مبلغُ الندماءِ : أني بعدهمْ … أُمْسِي نَديمَ كوَاكِبِ الجَوْزَاءِ؟

ولَقد رَعَيْتُ فليتَ شِعرِي من رَعى … منكمْ على بعدِ الديارِ إخائي؟

فحمَ الغبيُّ وقلتُ غيرَ ملجلجٍ: … إنّي لَمُشْتَاقٌ إلى العَلْيَاءِ

وَصِناعَتي ضَرْبُ السّيُوفِ وَإنّني … مُتَعَرّضٌ في الشّعْرِ بِالشّعَرَاءِ

و اللهُ يجمعنا بعزٍ دائمٍ … و سلامة ٍ موصولة ٍ ببقاءِ