أعطى البرية َ إذ أعطاكَ باريها – أحمد شوقي
أعطى البرية َ إذ أعطاكَ باريها … فهل يهنِّيك شعري أم يهنِّيها ؟
أنت البرية ، فاهنأ، وهْيَ أَنت، فمَنْ … دعاكَ يوماً لِتهنا فهْو داعيها
عيدُ السماءِ وعيدُ الأَرضِ بَينهما … عيدُ الخلائِقِ قاصيها ودانيها
فباركَ اللهُ فيها يومَ مولدها … ويوم يرجو بها الآمالَ راجيها
ويوم تُشرِقُ حوْل العرشِ صبيتُها … كهالة ٍ زانتِ الدنيا دَراريها
إنّ العناية َ لمَّا جامَلَتْ وعَدَتْ … ألا تكفَّ وأن تترى أياديها
بكلِّ عالٍ من الأنجالِ تحسبه … من الفراقِدِ لو هَشَّتْ لرائيها
يقومُ بالعهدِ عن أوفى الجدودِ به … عن والدٍ أَبلجِ الذِّمَّاتِ عاليها
ويأْخذُ المجدَ عن مصرٍ وصاحبها … عنِ السَّراة ِ الأَعالي من مواليها
الناهضين على كرسيِّ سؤددها … والقابضين على تاجيْ معاليها
والساهرين على النيلِ الحفيِّ بها … وكأسها وحميَّاها وساقيها
مولايَ، للنفسِ أن تُبدي بشائِرَها … بما رزقتَ، وأَن تهدي تهانيها
الشمسُ قدرهاً ، بلِ الجوزاءُ منزلة ً … بل الثُّريَّا ، بل الدنيا وما فيها
أُمُّ البنينَ إذا الأَوطانُ أَعْوَزَها … مدبِّرٌ حازمٌ أو قلَّ حاميها
منَ الإناثِ سوى أنّ الزمان لها … عبدٌ، وأَنَّ الملا خُدّامُ ناديها
وأنها سرُّ عباسٍ وبضعتهُ … فهْيَ الفضيلة ُ، ما لي لا أُسمِّيها؟
أغزُّ يستقبلُ العصرُ السلامَ به … وتشرقُ الأرضُ ما شاءتْ لياليها
عالي الأَريكة ِ بين الجالسين، له … منَ المفاخر عاليها وغاليها
عباسُ، عِشْ لنفوسٍ أَنت طِلْبَتُها … وأَنت كلُّ مُرادٍ من تناجيها
تبدي الرجاءَ وتدعوهُ ليصدقها … والله أَصدق وعداً، وهْوَ كافيها