أطلعة شمس أم مبادي جمَاله – ابن شيخان السالمي
أطلعة شمس أم مبادي جمَاله … تجلت علينا عند زمّ جِمالِه
خليليَّ هل من شافع أشتفي به … فقد حيل ما بيني وبين وصالهِ
أيسمح لي دهر بتكليم شادن … فألثم مسروراً تراب نعالهِ
ولمَّا رأيتُ الحسن بالنور عمّه … هممتُ إلى تقبيل مِسْكِة خالهِ
ومن لي بلثم الخال سرّاً ودونه … من الخد جمر محرق باشتعاله
وغدوة أنس أبرزته بعالج … فكم خجلةٍ من بدره وغزاله
تثنى بقَدٍّ واستقل بردفه … فتاه على أغصانه وتلاله
وللّه من قدٍّ ولحظ فذا لنا … يجود بعسَّالٍ وذا بنِباله
وبتنا وأضحينا حيارى بما رأت … نواظرنا من فرعه وجمَاله
أحبَّايَ نمتم ليلكم وغفلتم … على البعد عن ليل المحب وحاله
سهرنا ونمتم وأمتلا بَالُنا بكم … فهل منكم من نحن درنا بباله
فلا تحسبوا أني نسيت عهودكم … فؤادي لديكم فاسألوا عن مآله
وهذي صَبا هبَّت سلوها متى صَبا … لغيركم قلبي يُجِبْ عن خلاله
فلا تبعثوا غير النسيم فإنه … عليل كجسمي في الضنا واعتلاله
إذا هبت النسماء وهي عليلة … روت عن أحاديث الهوى ورجاله
ولي خَلَدٌ منكم رهينُ اندماله … ولي جسد لم يبق غيرُ خياله
وهبكم عرفتم حالي فنسيتُم … وفي الحق إن المرء أدرى بحاله
وإني على حكم الهوى وقضائه … لراضٍ وجارٍ في طريق امتثاله
فهل لي وأنتم بالغُوَير وظِلّه … سبيل وجسمي بالخويرِ وضَالهِ
ولله يومٌ بالخويرِ قطعتُه … سروراً بمرأى قاصراتِ حجاله
وأرخى علينا الأنس بُرداً موشحاً … بحالية من طيّبات اعتداله
لقد صهلت فيه الجياد وطنّبت … خيام الندى والباس تحت ظلاله
وقد زاد بشرى الروض طيباً وبهجة … كأخلاق تيمور وحُسن فِعاله
كريم تجلىّ في سماء الفضل وانثنت … تُلبيهِ شكراً وارداتُ نواله
إذا ما أتاه سائل هز الحيا … فيسبقه بالفضل قبل سؤاله
تصدّى لبذل العُرف من غير سائل … ففاض كمثل الغيث عند انهلاله
فتىً كسب المجد القديم صيانةً … وما كسبته كفُّه لإبتذاله
وكسبُ الفتى للمال معرفة لهُ … ولا يُعرف الإنسان إلاَّ بماله
عرفتُ يقيناً أنه خير سيّد … إذا ما تجلى في سرير احتفاله
أبوه مليك الأرض سلطاننا الذي … غدا الدهرُ عبداً طائعاً لجلاله
وسيدُنا تيمور مرتفِع البنا … يعزّ على الراقين قرب مناله
همام إذا أبدى الزمان نيوبه … تكسرَّن في إحسَانه ونصاله
إذا جئته في الدستِ أشرق وجهه … بهاءً كمثل السيف وقت انسلاله
لهُ بِشْرُ وَجْهٍ يستدل به على … بلوغ الذي يرجونه من جلاله
له غارةٌ في كل يوم يشنُّها … لغزو عِداهُ أو لإتلاف ماله
لهُ وطن في صهوة الخيل ثابت … إذا ضَبحَتْ تغدو بضنك نزاله
لهُ طَرَب عالٍ بنغمة مرهَف … إذا ما شدا بالهام حادي نصاله
ولا عيب فيه غير أنَّ صفاتهِ … تُحدِّث عن حُسَّاده بكماله
تعلمَ منه البحر سيما سماحةٍ … ولا عَجَبٌ فالبحر جارٍ بماله
لهُ عائدٌ يجري بانجاز وعده … فأفعالهُ تقضي بصدق مقاله
محبٌّ لِلَذات التنقل نزهةً … كذا من كمال البدر حسن انتقاله
وسافر يوماً للخوير فأصبحت … عروساً تهادى في بديع دلاله
وسار إليها في قَسًاورة على … جيادة تباري الغيث عند انهماله
وسرنا على طيارةٍ من نجائب … تبلغنا المأمول قبل مناله
فلله يومٌ بالخوير محجلٌ … جمعنا جَنى لذاتنا في رحاله
وداست بهم صدر الفلاة وبادرت … أفَوْق رواسيه مشت أم رماله
وكَلاّبُهم يُشْلي ثلاثةَ أكلُبٍ … لها معرك في خشفه وغزاله
تُسابق لَمعَ البرق في وثَباتها … وتدرك ما يرميه قبل اغتياله
فكم ارنب قالت خذوني حية … ولا الكلب يرميني بداء عضاله
وكم مَهْمَهٍ قَفْرٍ أتته جيادهم … فيسحب ذيل التَيه فوق جباله
إلى أن رجعنا والحقائبُ فعمة … فقامت قدور الأكل فوق قلاله
وهبَّت علينا نفحةٌ فيْصليَةٌ … تُنَسّي الرضيعَ الدَّرَّ قبل انفصاله
أسيّدنا تيمورُ هذا جميلكم … نظمناهُ دُرّاً في بديع مثاله
صفا عبدكم في فرده لجنابكم … فأصبح يبديه لسانُ مقاله
مضى زمنٌ للعلم فيه التفاتةٌ … وكل زمان ينقضي برجاله
فلا زلتم عوناً وعِزّاً لأهله … فقد حزتم كل العلا بكماله