أطفالُ الحِجارة – عبدالعزيز جويدة

هذه القصة ليست خيالية ، ولكنها حقيقية وحدثت فعلاً ، ونشرتها

الصحف اليومية من خلال حرب الحجارة التي أذهلتنا جميعًا

(1)

قَلبي في الأرْضِ المُحتَلَّةْ

أَضْحَى حَجَرًا ..

بينَ الأحجارِ المُبتَلَّةْ

بِدِماءِ الأطفالِ العُزَّلْ

بِدموعِ نِساءٍ يَصرُخْنَ ،

يَذْرِفْنَ دُموعًا تتجمَّدْ

تُصبِحُ أحْجارًا ..

تَقْذِفُها أيدي الثُّوَّارْ

تُصبِحُ طَلْقاتٍ من نارْ

إخواني ..

لم نَعرفْ أبدًا

حَرْبَ الأحجارْ

لم نَعرفْ يَومًا أطْفالاً

أخَذوا الأقمارْ

زَرعَوها دَاخِلَ أعْيُنِهِم

شَتَلاتِ نَهارْ

أطفَالَ القُدسِ المُحتلَّةْ ..

يا أجملَ خَبرٍ يَأتينا

بينَ الأخبارْ

(2)

إخْواني .. مَنْ يَعرفُ “أيمن” ؟

أيمَنُ طِفلٌ

والعُمرُ أقلُّ أيا سَادةْ

مِن سَبْعِ سِنينْ

مَرسومٌ دَاخلَ عينيهِ

أرضُ فَلسطينْ

مِئذَنَةُ الأقصى تَسكُنُهُ

والقُدسُ ،

وصلاحُ الدينْ

يَجمعُ أحجارًا ..

يَغسِلُها

بِدموعِ القهْرِ فتَشْتدُّ

وتَصيرُ أَحَدَّ مِنَ السِّكِّينْ

(3)

“أيمنُ” عُصفورٌ يَتَنقَّلْ

ما بَينَ رَصاصٍ وقَنابِلْ

أيمَنُ يَلتَقِطُ الأحجارَ

ويَظلُّ يُبادِلْ

طَلَقاتُ الأعداءِ عليهِ ..

تَتوالى كِالبَرْقِ الخَاطِفْ

وتُدَوِّي كالرَّعْدِ القاصِفْ

يَجرونَ إليهِ ولا يَجري

أيمَنُ واقِفْ

مُرتَجِفٌ ؟

لا

بَلْ مُبتَسِمٌ ..

مُبتَسِمٌ للجُرحِ النَّازِفْ

تَعْلو الأصْواتُ تُحذِّرُهُ

أيمَنْ .. سَتَموتْ

يَضْحكْ ..

ويقولُ :

“أنا عارِفْ”

(4)

أيمَنْ ..

أخَذوهُ إلى السِّجنِ

كي يُجرُوا معَهُ التحْقيقْ

ضَربوهْ ،

سَحَلُوهْ ،

طَعَنوهُ ..

في الجُرْحِ النَّازِفْ

والجُرْحُ عَميقْ

سألوهُ .. مَنْ حرَّضَهُ

لَمَعَتْ عَيناهُ كنَهْرِ بَريقْ :

حرَّضني “أحمدْ”

مَنْ أحمدْ ؟

فأجابَ : أخي

(5)

بعَثُوا عَشَراتٍ كي تَبحَثْ

عَن هذا الثَّوريِّ الأكبَرْ

ضُبَّاطًا تَحمِلُ أسلِحةً ،

عَرَباتٍ ، ومِئاتِ العسكَرْ

البيتُ مُحاصَرُ يا أحمدْ

البيتُ مُحاصَرُ فاستَسلِمْ

البيتُ مُحاصَرُ

فَلْتَخْرُجْ

أحمَدْ ..

يَخرُجْ ..

كالشَّمسِ ضِياءً ، وحَنينْ

في يَدِهِ يَحملُ أحجارًا

في الأُخرى عَلَمُ فَلسطينْ

أحمدُ طِفلٌ

والعُمرُ أقلُّ أيا سَادَةْ

مِن خَمْسِ سِنينْ