أطاع دمعي وصبري في الغرام عصى – عماد الدين الأصبهاني

أطاع دمعي وصبري في الغرام عصى … والقلب جرع من كأس الهوى غصصا

وإن صفو حياتي ما يكدره … إلا اشتياقي إلى أحبابي الخلصا

ما أطيب العيش بالأحباب لو وصلوا … وأسعد القلب من بلواه لو خللصا

زموا فؤادي وصبري والكرى معهم … غداة بانوا وزموا للنوى القلصا

وقفت أتبعهم قلبي يسايرهم … وأرسل الدمع في آثارهم قصصا

ومقلة طالما قرت برؤيتهم … أضحى السهاد لها من بعدهم رمصا

لم تحدر الدمع إلا أنها رفعت … إلى الأحبة من كرب الهوى قصصا

رخصت بعد غلائي في محبتكم … ورب غال عزيز هان إذ رخصا

أرى أماني منكم غير صادقة … كذا حديث المنى ما زال مخترصا

يا هل تعود ظلال العيش سابغة … وكيف يرجع عيش ظله قلصا

وحبذا فرص للدهر ممكنة … والدهر من لم تزل أوقاته فرصا

لهفي على عنفوان العمر كيف مضى … عني وشيكا ولما تم لي نقصا

ما كنت أعلم ريعان الصبا حلما … إذا انقضى أصبحت لذاته نغصا

أيام أخلع في اللهو العذار كما … أهوى وألبس من أطرابه قمصا

أيام لا رشئي يعتاده ملل … ولا رشاء الصبا من قبضتي ملصا

إذ الليالي بما أهوى مساعفتي … تدني إلى النجح آمالا إلي قصى

أروح ذا مرح بالوصل مبتهجا … أناله سؤله من دهره الحصصا

أطاعت الغانيات الغيد منه فتى … إذا لحى في هواهن العذول عصى

ما بالهن زهدن اليوم فيه وقد … أفاده الشيب تجريبا وثقل حصى

كرهن بعد سواد شيب لمته … لما رأين بياضا خلنه برصا

بمهجتي رشأ قلبي له قنص … فيا له رشأ للأسد مقنتصا

تمضي عزائمه في قتل عاشقه … عمدا ويطلب في تعذيبه الرخصا

يا لائما بشباك العذل يقنصني … ولست إلا لأشراك الهوى قنصا

بغيت راحة من تعتاص سلوته … وأتعب الناس من يبغي الذي عوصا

لا تحرصن على ما أنت طالبه … فربما حرم المطلوب من حرصا

تبغي بقرع عصا التقريع لي رشدا … كما ينبأ ذو حلم بقرع عصا

أقصر فلي شعف بالمجد طال له … باعي وطرف حسودي دونه بخصا

وأنصف الدهر كان الفضل في دعة … منه وعائر حظ الفضل منتعصا

ربى الزمان بنيه شر تربية … فالجهل ذو بطنة والفضل قد خمصا

ولا زمان الإمام المستضيئ لنا … لما امتحى ذنب أيامي ولا محصا

من ألزم الله كل الخلق طاعته … مخوفا منه عصيانا وشق عصا

من لا خمائل لولا سحبه هطلت … ولا مخايل لولا برقه وبصا

قد عاش في العزة القعساء حامده … ومات جاحده من ذلة قعصا

مولى لراحة أهل الأرض راحته … وكم يفرج عنا الحادث اللحصا

بالجود للمعتفي حلو الجنى سلسا … بالبأس للمعتدي مر الإبا عفصا

يا سيد الخلفاء الأوصياء ومن … نبت المنى منه في روض النجاح وصى

يا محكا كل نظم للزمان وهي … وجابرا كل عظم للمنى وهصا

بالحق إن دانت الدنيا له ودنا … سحاب معروفه الهامي إذا نشصا

أنمت عدلا عيون العالمين بما … أذهبت عنها القذى والرين والغمصا

عدوكم واقع في الرعب طائره … حتى لقد حسب الدنيا له قفصا

وحسب كل حسود أن ناظره … إلى مهالكه من حيرة شخصا

يا خير من حج وفد الله كعبته … على المطي الذي في سيره قمصا

وما توجه ذو عزم إلى أمل … إلالدى بابه عن حجه فحصا

سأجتدي وابلا من جوده غدقا … وأمتري حافلا من خلفه لخصا

وإن عندي ذا التوحيد من شكر النعمى … لديك وذا الإشراك من غمصا

من ذا الذي سار سيري في ولائكم … غداة قال العدا لا سير عند عصا

بعثي على الحق أصفى مصر من رنق … به وأخرس منها باطلا نبصا

ونال عبدك محمود بها ظفرا … ما زال يرقبه من قبل مرتبصا

كلب الفرنج عوى من خوف صولته … وقيصر الروم من إقدامه معصا

سطا فكم فقرة للكفر قد وقمت … وكم وكم عيق للشرك قد وقصا

من خوف سطوته أن العدو إذا … أم الثغور على أعقابه نكصا

ورب معترك رحب الفضاء به … أضحى على مسعريه ضيقا لقصا

لما انتشى الهام من كأس النجيع به … غنى المهند والخطي قد رقصا

وللكماة على أهوالها نهم … نام كأن بها نحو الردى لعصا

وللحرب عضت بأنياب لها عصل … والصف أحكم من أضراسها لصصا

والبيض فيه بقد البيض ماضية … والسمر تخترق الماذية الدلصا

وكل نفس مشيح رهن ما كسبت … والسامري رهين بالذي قبصا

ومن دماء مساعير الهياج نرى … على سوابغها من نضحها نفصا

أعاد عبدك نور الدين منتصرا … ما كان يغلو من الأرواح مرتخصا

وكم أخاف العدا بالأولياء كما … أخافت الأسد في إصحارها النحصا

والمبطلون متى طالت رقابهم … أبدى من الهون في أعناقها الوقصا

أعدى نداك أمير المؤمنين على … حظ تعدى ودهر ريبه قرصا

نعشت فضلي بافضال حللت به … من عقده ما لواه الحظ أو عقصا

تمل مدح ولي فخر ناظمه … أن القريض إلى تقريظكم خلصا

لا يصدق الشعر إلا حين أمدحكم … وكل مدح سوى مدحيكم خرصا

وكيف أحصي بنطقي فضل منتسب … إلى الذي في يديه نطق كل حصى