أسماءُ أسمائهِ الحسنى التي تبدي – محيي الدين بن عربي

أسماءُ أسمائهِ الحسنى التي تبدي … هيَ الكثيرة ُ بالأوتارِ والعددِ

وما بأسمائه الحسنى التي خفيتْ … عن العقولِ سوى حقيقة ِ الأحدِ

وإنَّ أسماءَه الحسنى التي بقيتْ … لنا وإن جهلت من أعظم العدد

ولاظهورٌ لها فإنها نسبٌ … فكيفَ أجعلها في الدفعِ معتمدي

والناسُ في غفلة ٍ عمَّا ذكرتُ لهمْ … فيها وعنْ سبلِ التحقيقِ في حيدِ

فليسَ يفقدها وليسَ يوجدُها … والفقد والوجد في سلم وفي لدد

فليتَ شعري إذا مرَّ الزمانُ بها … هل يبقى للكون من خُلدٍ ومن أبد

وكيفَ يبقى ولا دورٌ يعدُّ بهِ … والدهر يعرف بالأدوار والمدَد

وما تسمى بهِ الحقُّ العليمُ سدى ً … إلا من أجلِ الذي يعطيهِ من مددِ

ها إن ذي حكمة تجري بصورتها … معَ الزمانِ ولكنْ لا إلى أمدِ

لا بل إلى أبد الآباد جريتها … هلْ في الزمانِ زمانٌ فاعتبرْ تجدِ

والله لو علمتْ نفسي بما سمحت … من العلومِ التي أعطتكَ في الرّفَد

بذاتها وهيَ لمْ تشعرْ بما وهبتْ … من العطايا لماتت وهي لم تجد

فاشكر إلهك لا تشكر عطيتنا … إن العطايا لمن لو شاء لم تفد

هذا من الجهة ِ المقصودِ جانبها … كما الوفودُ لمن لو شاء لم يفد

إنَّ الورودَ الذي في الكونِ صورتُهُ … من النفوسِ التي لو شاء لم ترِد

هذا هوَ الأدبُ المشروعُ ليسَ لهُ … إلاّ أداة امتناعِ الشيءِ لم يرد

قدْ قلتُ فيهِ مقالاً لستُ أنكرهُ … إذِ النفوسُ عن التحقيق لم تحد

إنَّ العلومَ التي التحقيقُ جاء بها … هي العلومُ التي تهدي إلى الرشدِ

رشد المعارفِ لا رشد السعادة ِ و … الإيمانُ يسعدُ أهلَ الصورِ والجسدِ

فاحمدْ إلهكَ لا تحمدْ سواهُ فما … يعطي السعادة َ إلا حمدُهُ وقدِ

لا تنكروا الطبعَ إنَّ الطبعَ يغلبني … والحقُّ يغلبه إنْ كانَ ذا فَنَد

دين العجائزِ مأوانا ومذهبُنا … وهوَ الظهورُ بهِ في كلِّ معتقدِ

به أدين فإنَّ الله رجحه … على التفكُّر في كشفٍ وفي سَنَدِ

في كلِّ طالعة ٍ عُليا ونازلة ٍ … سُفلى معَ القولِ بالتوحيدِ للأحد

سكنْ إلهي روعاتي فإنَّ لها … ميلاً شديداً إلى ما ليسَ مستندي

إنّ الركونَ إلى الأدنى منَ السببِ … الأعلى تجد طعمَه أحلى من الشَّهد

ولا أخص به أنثى ولا ذكراً … ولا جهولاً ولا منْ قالَ بالرصدِ

بل حكمُهُ لم يزلْ في كلِّ طائفة ٍ … من كلِّ صاحبِ برهانٍ ومعتَقَد

لولا مسامحة ُ الرحمنِ فيك لما … رأيتُ شخصاً سعيداً آخرَ الأبدِ

هوَ الإلهُ الذي عمَّتْ عوارِفهُ … لما سرى الجودُ في الأدنى وفي البعد

ألا ترى الجودَ بالإيجاد عمَّ فلم … يظهر به أحد فضلاً على أحد