أرى عقلي كساقيةٍ تُدارُ – مصطفى صادق الرافعي
أرى عقلي كساقيةٍ تُدارُ … وأنواعُ العلومِ لها بحارُ
ولي فكر كبستانٍ نضيرٍ … شهيُّ معارفي فيهِ ثمارُ
تناولتُ العلومَ وكانَ جهل … كمثلِ الليلِ فانشقَّ لنهارُ
ولاحَ ليَ الورى شيئاً عجيباً … وكلُّ فتى رأى عجباً يحارُ
فما الدنيا كما كنّا نراها … مُصَغَّرةً ونحنُ إذاً صغارُ
وإنَّ الجهلَ يسترُ كلَّ حسنٍ … كنورُ الشمسِ يحجبهُ الغبارُ
أرى لي موقفاً حرجاً كأني … ضللتُ وليسَ في بحري منارُ
سأفعلُ فعلَ أجدادي فإمَّا … كما نالوا وإمَّا حيثُ صاروا
وما أنا بالصغيرِ العقلِ حتى … تعزَّ على يدي الهمم الكبارُ
ولا أنا بالضعيفِ القلبِ حتى … تقيِّدُني المنازلُ والديارُ
سأضربُ في البلادِ فأيُّ فجٍّ … تلتاني فذلكَ لي قرارُ
ولا عارٌ على الساعي لمجدٍ … ولكنَّ التزامَ الدارِ عارُ
وما قدْرُ اللآلئ وْهيَ درٌّ … إذا لم ينفلقْ عنها المحارُ