أخذتُ عليهِ بالمحبة ِ موثقا – بهاء الدين زهير

أخذتُ عليهِ بالمحبة ِ موثقا … وما زالَ قَلبي من تجَنّيهِ مُشفِقَا

وقد كنتُ أرجو طَيفَهُ أن يُلِمّ بي … فأسهرني كيْ لا يلمّ ويطرقا

وَلي فيهِ قَلبٌ بالغَرامِ مُقَيَّدٌ … لَهُ خَبَرٌ يَرْويهِ دَمعيَ مُطلَقَا

كلِفتُ به أحوَى الجفونِ مُهفهَفاً … من الظبي أحلى أوْ من الغصن أرشقا

ومن فرْطِ وَجدي في لَماهُ وثَغرِهِ … أعللُ قلبي بالعذيبِ وبالنقا

كَذلِكَ لوْلا بارِقٌ مِن جَبينِهِ … لما شمتُ برقاً أوْ تذكرتُ أبرقا

ولي حاجة ٌ من وصلهِ غيرَ أنها … مُرَدَّدَة ٌ بَينَ الصّبابَة ِ وَالتّقَى

خَليليّ كُفّا عَنْ مَلامَة ِ مُغرَمٍ … تذكرَ أياماً مضتْ فتشوقا

ولا تحسبا قلبي كما قلتما سلا … ولا تحسبا دمعي كما قلتما رقا

فما ازدادَ ذاكَ القلبُ إلاّ تمادياً … وما ازدادَ ذاكَ الدمعُ إلاّ تدفقا

إلى كَمْ أُرَجّي باخِلاً بوِصالِهِ … وحتى متى أخشَى القِلى وَالتّفَرّقَا

فحسبُ فؤادي لوعة ً وصبابة ً … وحسْبُ جُفُوني عَبرَة ً وتأرُّقَا

على أنها الأيامُ مهما تداولتْ … سرُورٌ تَقضّى أوْ جديدٌ تمَزّقَا

وَلَستَ ترَى خِلاًّ من الغَدرِ سالماً … ولا تنتقي يوماً صديقاً فيصدقا

إذا نلتَ منهُ الودَّ كانَ تكلفاً … وَإنْ نِلتَ منهُ البِشرَ كانَ تَمَلُّقَا

ومما دهاني حرفة ٌ أدبية ٌ … غدتْ دونَ إدراكِ المطالبِ خَندقَا

وإنْ شملتني نظرة ٌ صاحبية ٌ … فلَستُ أرَى يوْماً من الدّهرِ مُملِقَا

ووزيرٌ إذا ما شمتَ غرة َ وجههِ … فدَعْ لسِواكَ العارِضَ المُتألّقَا

ذَمَمْتُ السّحابَ الغُرّ يوْمَ نَوَالِه … وحقرَ عندي وبلها المتدفقا

وجدتُ جناباً فيهِ للمجدِ مرتقى … وفيهِ لذي الحاجاتِ والنُّجحِ مُلتقى

إذا قُلتَ عَبدَالله ثُمّ عَنَيْتَهُ … جَمَعتَ بهِ كلّ التّعاويذِ وَالرقَى

يَقيكَ منَ الأيّامِ كلَّ مُلِمّة ٍ … ويكفيكَ منْ أحداثها ما تطرقا

وكم لكَ فينا من كتابٍ مصنفٍ … تركتَ بهِ وجهَ الشريعة ِ مشرقا

عكفنا عليهِ نجتني من فنونه … فَعَلّمَنَا هذا الكلامَ المُؤنَّقَا

وَكم شاعرٍ وَافَى إليكَ بمَدحَة ٍ … فزَخْرَفَها ممّا أفَدْتَ ونَمّقَا

فإن حسُنتْ لفظاً فمن رَوضِك اجتنى … وإن عذبتْ شرباً فمن بحركَ استقى

فلا زلتَ ممدوحاً بكلّ مقالة ٍ … تُريكَ جَريراً عَبدَها وَالفرَزْدَقَا

وَما حسُنتْ عندي وحقِّك إذ غدتْ … هي التبرُ مسبوكاً أوِ الدرُّ منتقى

ولا إنْ جرتْ مجرى النسيم لطافة ً … ولا إن حكتْ زهرَ الرياضِ المعبقا

ولكنها حازتْ من اسمكَ أحرفاً … كستها جمالاً في النفوسِ ورونقا