أجل من عُلى ً ما خلتُ يرقاه فادحُ – حيدر بن سليمان الحلي

أجل من عُلى ً ما خلتُ يرقاه فادحُ … هلالُ المعالى طوحتّه الطوائحُ

ومن حيث لا تعلو يدُ الدهر أهبطت … إلى اللحد نجمَ الفخر فالدهر كالح

تناوله من أفق مجدٍ لعزَّة ٍ … قد انحسرت عنها العيونُ الطوامح

فمطلعه في مشرق المجد مظلمٌ … ومغربه في موضع اللحد واضح

لحى الله يوماً قد أراني صباحه … تباريحَ وجدٍ للحشا لا تبارحُ

به صاح ناعيه فأشغلت مسمعي … وقد مضَّ في قعر الحشا منه صائحُ

وهمَّت جفوني بالبكا فملكتها … على الدمع أرجو الكذب والصدق لائح

وقلتُ لمن ينعاه إذ جدَّ باسمه … بنوح تبيَّن باسم من أنت نائح

بفيك الثرى لا تُسم في النعى جعفراً … فيوشك أن تجتاحَ نفسي الجوائح

فلما أبى إلا التي تشعبُ الحشا … وإلا التي تبيضُّ منها المسائح

جمعتُ فؤادي وانطويتُ على الجوى … على حرقٍ ضاقت بهنَّ الجوانح

أعاذلتي عنّى خذي اللومَ جانباً … فلا أدمعي ترقى ولا الوجدُ بارح

فلم ينسفح من عيني الدمعُ وحده … ولكنَّ كليِّ مدمعٌ منه سافح

أصبراً وذا إنسانُ عينيَ أطبقت … على شخصه أجفانهنَّ الضرايح

قد استلَّه من عيني الدهر بعدما … تخيلتُ أن الدهر لي عنه صافح

بكفٍ له مدَّت إلى َّ بهيئة ٍ … بدت وهي فيها كفُّ خلٍ يصافح

ومرَّت على وجهى فقدَّرتُ أنه … يلاطفني في مَرِّها ويمازح

وما خلتُه يا شلَّها الله أنه … بها لسواد العين منّي ماسح

فأطبقتُ عيني وهي بيضاءُ من عمى ً … وإنسانها حيث اشتهى الدهرُ طائح

بمن عن ضياء العين يعتاض طرفها … فيغدو عليه وهو للجفن فاتح

لتجرِ الليالي حيث شاءت بنحسها … فما عندها فوق الذي أنا نائح

وماذا تريني بعدَها في مُدى الأسى … يداً لفؤادي سعدُها وهو ذابح

أقول لركبٍ أجمعوا السيرَ موهناً … وقد نشطت للكرخ فيهم طلايح

أقيموا فواقي ناقة ٍ من صدورها … لاودعكم ما استحفظته الجوانح

خذوا مهجتي ثم انضحوها عقيرة ً … على جدثٍ دمعُ البلى فيه ناضح

وقولوا لأيدٍ أحدرت فيه جعفراً … ولم تدرِ ماذا قد طوته الصفائح

لأحدرت من قلب المكارم فلذة ً … قد انتزعتها من حشاها الفوادح

فغير جميلٍ بعده الصبرُ للورى … ولا عيشهم لولا محمدُ صالح

فتى الحلم لا مستثقلاً لعظيمة ٍ … تخفُ لها الأحلامُ وهي رواجح

تدرَّع من نسج البصيرة قلبه … أضاة أسى ً لم تدّرعها الجحاجح

وصابرها دهياء في فقد جعفرٍ … يكافح منها قلبُه ما يكافح

ونهنه فيه زفرة عدن فوقها … حوانيَ من عبد الكريم الجوانح

تعرّض فيها حادثُ الدهر منهما … لصليَّن من نابيهما السمُّ راشح

ونصلين لا تمضى بيوم كريهة ٍ … مضاءهما يومَ الخصام الصفائح

ورمحين سل قلبَ الكواشح عنهما … بما منهما في القلب تلقى الكواشح

تجده كليماً وهو أعدلُ شاهدٍ … على جرحه والجرحُ لاشك فادح

تسربلتها يا دهرُ شنعاءَ وسمها … لوجهك ما عمَّرت بالخزي فاضح

عمى ً لك هل عينٌ تبيتُ وطرفها … لإنسانها بالشر أزرقُ لامح؟

أفق أيَّ وقتٍ فيه منك لجعفرٍ … تُفرغُ كفٌّ ليته منك طائح

وقد شغلت في كلِّ لمحة ناظرٍ … يديك جميعاً من أبيه المنائح

فتى ً يجد الساري على نوره هدى ً … ولو ضمَّه فجٌّ من الأرض نازح

كأنَّ المحيّا منه والليل جانحٌ … «سهيل» لأبصار المهبّينَ لائح

تجاوز “هادى ” مجده كاهل السهى … إلى حيث ما لحظ الكواكب طائح

وأمسى حسيناً وجه جدواه للورى … على حين وجه الدهر في الخلق كالح

وأصبح معنى فخره مصطفى العلى … وكلٌّ لأن يقفو محمدَ صالح

فتى في صريح المجد يُنمى لمعشرٍ … أكفُّهم أنواءُ عرف دوالح

مضيئون ضوء الأنجم الشهب للورى … فأزجههم والشهب كلٌّ مصابح

على أول الدهر استهل نداهم … فسالت به قبل الغيوث الأباطح

ومدَّ أبو المهديَّ فيه أناملاً … رواضعها صيد الملوك الجحاجح

جرت بالنمير العذب عشر بحارها … وكل بحار الأرض عذب ومالح

فما للندى في آخر الدهر خاتم … سواه ولا في أول الدهر فاتح