أجلْ، إنّ ليلى حيثُ أحياؤها الأسدُ، – ابن زيدون

أجلْ، إنّ ليلى حيثُ أحياؤها الأسدُ، … مهاة ٌ حمتها، في مراتعِها، أسدُ

يَمانِيَة ٌ تَدْنُو ويَنْأى مَزَارُهَا؛ … فسِيّانِ منها في الهوَى القُرْبُ والبُعْدُ

إذا نحنُ زرنَاها تمرّدَ ماردٌ، … وعزّ فلم نظفرْ به، الأبلقُ الفردُ

تحولُ رماحُ الخطّ دونَ اعتيادِها، … وخَيْلٌ، تَمَطّى نحوَ غاياتِها، جُرْدُ

لحيٍّ لقاحٍ، تأنفُ الضّيمَ منهمُ … جحاجحة ٌ شيبٌ، وصيّابة ٌ مردُ

أبٌ ذو اعتزامٍ، أوْ أخٌ ذو تسرّعٍ؛ … فشَيخانُ ماضي الهَمّ، أوْ فاتكٌ جَلدُ

فما شيمَ، من ذي الهبّة الصّارم، الشَّبا؛ … ولا حُطّ، عن ذي المَيعة السابح، اللِّبْدُ

وفي الكلّة ِ الحمراء، وسطَ قبابهمْ، … فَتاة ٌ، كَمِثلِ البَدرِ، قابَلهُ السّعدُ

عقيلة ُ سربٍ، لا الأراكُ مرادُهُ؛ … ولا قمنٌ منهُ البريرُ ولا المردُ

تَهادى ، فيُضْنيها الوِشاحُ، غَرِيرَة ٌ، … تأوّهُ مهما ناسَ، في جيدها، العقدُ

إذا استحفِظتْ سرَّ السُّرَى جنحَ ليلها … تَناسَى النّمومانِ: الأُلُوّة ِ، والنَّدّ

لها عدة ٌ بالوصلِ، يوعدُ غبَّها … مصاليتُ، ينسَى ، في وعيدهم، الوعدُ

عَزِيزٌ عَلَيْهِمْ أنْ يَعُودَ خَيالُها، … فيُسعِفَ منها نائِلٌ، في الكَرى ، ثَمْدُ

كفَى لوعة ً أنّ الوصالَ نسيئة ٌ، … يُطيلُ عَناءً المُقْتَضِي، والهَوَى نَقدُ

ستبلغُها عنّا الشَّمالُ تحيّة ً، … نَوافِحُ أنْفاسِ الجَنُوبِ لها رَدّ

فَما نُسِيَ الإلْفُ، الذي كانَ بيننا، … لطولِ تنائينَا، ولا ضيّعَ العهدُ

لئن قيلَ: في الجدّ النّجاحُ الطالبٍ؛ … لقَلّ غَنَاءُ الجِدّ ما لمْ يكُنْ جَدّ

ينالُ الأماني، بالحظيرة ِ، وادعٌ، … كما أنّه يُكدي، الذي شأنُهُ الكَدّ

هوَ الدّهرُ، مهما أحسنَ الفعلَ مَرَّة ً، … فعنْ خطإٍ، لكنْ إساءتُهُ عمدُ

حذارَكَ أنْ تغترّ منهُ بجانبٍ، … ففي كلّ وادٍ، من نوائبِهِ، سعدُ

ولَوْلا السَّراة ُ الصِّيدُ من آلِ جَهوَرٍ … لأعوزَ منْ يعدى عليه، متى يعدُو

مُلوكٌ لَبِسْنَا الدّهرَ في جَنَباتهمْ، … رقيقَ الحواشي، مثلما فوّفَ البردُ

بحَيثُ مَقِيلُ الأمنِ، ضَافٍ ظِلالُه؛ … وفي منهلِ العيشِ العذوبة ُ والبردُ

همُ النّفرُ البيضُ، الذينَ وجوهُهمْ … تَروقُ فتَستشفي بها الأعينُ الرُّمْدُ

كِرَامٌ يَمُدّ الرّاغِبُونَ أكْفّهُمْ … إلى أبْحُرٍ مِنْهُمْ، لها باللُّهَامَدّ

فلا يُنْعَ مِنْهُم هالِكٌ، فَهوَ خالِدٌ … بِآثارِهِ؛ إنّ الثّناءَ هُوَ الخُلْدُ

أقِلّوا عَلَيْهِمْ، لا أبَا لأبِيكُمُ، … من اللّوم، أوْ سدّوا المكان الذي سدّوا

أُولئكَ، إنْ نِمْنَا سَرى ، في صَلاحِنا، … سِجاعٌ عَلَينا، كُحلُ أجفانهمْ سُهدُ

أليسَ أبو الحَزْمِ، الذي غِبَّ سَعيهِ، … تبصّرَ غاوينَا، فبانَ لهُ الرُّشدُ

أغرُّ تمهّدْنا بهِ الحفضَن بعدما … أقضّ عَلَينا مَضْجَعٌ، وَنَبا مَهْدُ

لَشَمّرَ حتى انْجابَ عارِضُ فِتنَة ٍ، … تألّقَ منها البرقُ، واصطخبَ الرّعدُ

فسالمَ من كانتْ لهُ الحربُ عادة ً؛ … ووافقَ منْ لا شكّ في أنّهُ ضدّ

هوَ الأثرُ المحمودُ، إنْ عادَ ذكرُهُ … تَطَلّعَتِ العَلياءُ، وَاستَشرَفَ المَجدُ

تولّى ، فلولا أنْ تلاهُ محمّدٌ، … لأوْطَأ، خَدَّ الحُرّ أخمَصَه، العَبْدُ

مَلِيكٌ يَسُوسُ المُلكَ منه مُقَلِّدٌ، … رَوَى عَنْ أبيهِ فِيه مَا سَنّهُ الجَدّ

سجيّتُهُ الحُسنى ، وشيمَتُهُ الرّضَى ، … وسيرتُهُ المثلى ، ومذهبُهُ القصدُ

همامٌ، إذا زانَ النّديَّ بحبوة ٍ … تَرَجّحَ، في أثْنائِها، الحَسَبُ العِدُّ

زعيمٌ، لأبناء السّيادة ِ، بارعٌ، … عليهمْ به تثنى الخناصرُ، إنْ عدّوا

بعيدُ منالِ الحالِ، داني جنى النّدى ، … إذا ذُكِرَتْ أخلاقُهُ خَجِلَ الوَرْدُ

تهلّلَ، فانهلّتْ سماءُ يمينِهِ … عَطايا، ثَرى الآمال، من صوْبَها، جَعْدُ

ممرٌّ، لمنْ عاداهُ، إذْ أولياؤُهُ … يلذُّ لهمْ كالماء، شيبَ بهِ الشّهدُ

إذا اعترفَ الجاني عفَا عفوَ قادرٍ، … عَلا قَدْرُهُ عَنْ أنْ يَلجّ بهِ حِقْدُ

ومتّئدٌ لوْ زاحمَ الطّودَ حلمُهُ … لحاجَزَهُ رُكنٌ، من الطّوْدِ، مُنَهَدّ

لهُ عزمة ٌ مطويّة ٌ، في سكينة ٍ، … كما لانَ متنُ السّيفِ، واخشوشن الحدّ

يوكِّلُ بالتّدبيرِ خاطرَ فكرة ٍ، … إنِ اقتدحتْ، في خاطرٍ، أثقبَ الزَّنْدُ

ذِرَاعٌ لِمَا يأتي بهِ الدّهرُ، وَاسِعٌ؛ … وباعٌ، إلى ما يحرزُ الفخرَ ممتدّ

إذا أسْهَبَ المُثْنُونَ فيهِ، شأتْهُمُ … مراتبُ عليا، كلَّ عن عفوِها الجهدُ

هوَ الملكُ المشفوعُ، بالنّسكِ، ملكُه، … فيا فَضْلَ ما يَخفي ويا سَرْوَ ما يَبدُو

إلى اللَّهِ أوّابٌ، وللَّهِ خائفٌ، … وبِاللَّهِ مُعْتَدٌّ، وَفي اللَّهِ مُشتدّ

لقد أوْسعَ الإسلامَ، بالأمسِ، حِسبة ً، … نحَتْ غَرضَ الأجرِ الجَزِيل، فلم تَعْدُ

أبَاحَ حِمَى الخَمْرِ الخَبِيثَة ِ، حائِطاً … حمَى الدّينِ، من أنْ يستباحَ لهُ حدّ

فَطَوّقَ بِاستِئْصالِها المِصْرَ مِنّة ً، … يكادُ يُؤدّي، شكرَها، الحجرُ الصَّلدُ

هيَ الرِّجسُ، إنْ يُذهبه عنه، فمِحسنٌ … شَهِيرُ الأيادي، ما لآلائهِ جَحْدُ

مَظِنَّة ُ آثَامٍ، وَأُمُّ كَبائِرٍ، … يُقَصِّرُ، عَن أدنَى مَايِبها، العَدّ

رَأى نَقصَ ما يَجبيهِ منها زِيادَة ً، … إذِ العِوَضُ المَرْضِيّ، إلاّ يَرُحْ يَغْدو

غنيٌّ، فَحُسْنُ الظنّ بِاللَّهِ مالُهُ؛ … عَزِيزٌ، فصُنعُ اللَّهِ، من حوْله، جُنْدُ

لَنِعْمَ حَديثُ البِرّ تُودِعُهُ الصَّبا، … تبثّ نثاهُ، حيثُ لا توضعُ البردُ

تغلغلَ في سمعِ الرَّبابِ، وطالعتْ … له صورة ً، لم يعمَ، عن حسنها، الخلدُ

مَساعٍ أجَدّتْ زِينة َ الأرضِ، فالحَصى … لآلىء ُ نَثْرٌ، وَالثّرَى عَنْبرٌ وَرْدُ

لدى زَهَراتِ الرّوْضِ عنها بِشارَة ٌ؛ … وفي نفحاتِ المسكِ، من طيبها، وفدُ

فديتُكَ، إنّي قائلٌ، فمعرِّضٌ … بأوطارِ نفسٍ، منك، لم تقضِها بعدُ

منى ً كالشَّجا دونَ اللّهاة ِ تعرّضتْ، … فلمْ يكُ للمَصْدُودِ، من نَفثِها، بُدّ

أمثليَ غفلٌ، خاملُ الذّكرِ ضائعٌ، … ضَياعَ الحُسامِ العَضْبِ، أصْدأه الغِمدُ

أبَى ذاكَ أنّ الدّهرَ قَدْ ذَلّ صَعْبُهُ … فسنّيَ منْهُ، بالذي نشتَهي، العقدُ

أنا السّيفُ لا يَنْبو معَ الهَزّ غَرْبُهُ، … إذا ما نبا السّيفُ، الذي تطبعُ الهندُ

بَدَأتَ بنُعْمَى غَضّة ٍ، إنْ تُوَالِها، … فحسنُ الألى ، في أنْ يواليَها سردُ

لَعَمْركَ ما للمَالِ أسعى ، فإنّما … يَرى المالَ أسنى حظّهِ، الطَّبِعُ الوَغْدُ

ولكنْ لحالٍ، إنْ لبستُ جمالَها، … كسوْتُكَ ثوبَ النُّصحِ، أعلامه الحمدُ

أتَتكَ القَوَافي، شاهِداتٍ بما صَفَا … من الغَيبِ، فاقبلَها فمَا غرّكَ الشّهدُ

ليحظى وليٌّ، سرُّهُ وفقُ جهرِهِ، … فظاهرُهُ شكرٌ، وباطنُهُ ودّ

يُمَيّزُهُ، مِمّنْ سِوَاهُ، وَفاؤهُ … وإخلاصُهُ، إذْ كلُّ غانية ٍ هندُ