أتبكِي لهذا الموتِ أم أنتَ عارفُ – أبو العتاهية

أتبكِي لهذا الموتِ أم أنتَ عارفُ … بمنزلة ٍ تبقَى وفيهَا المتالِفُ

كأنّكَ قد غُيّبْتَ في اللّحدِ والثّرَى ، … فتلْقَى كمَا لاقَى القُرونُ السَّوالفُ

أرى الموتَ قد أفْنَى القرونَ التي مضتْ … فلمْ يبقَ ذُو إلفٍ ولم يبقَ آلِفُ

كأنَّ الفتى لم يَفْنَ في الناسِ ساعة ً … إذا أُعصِبَتْ يوماً عليهِ اللفائفُ

وَقامَتْ عَلَيْهِ عُصْبَة ٌ يَندُبونَهُ، … فمستعبرٌ يبكي وآخرُ هاتفُ

وغُودِرَ في لحدٍ، كَريهٍ حُلُولُهُ، … وتُعْقَدُ مِنْ لبنٍ عليهِ السقائِفُ

يقلُّ الغَنَا عن صاحبِ اللحدِ والثَّرى … بما ذَرَفَتْ فيهِ العُيُونُ الذوارِفُ

وَما مَن يخافُ البَعثَ والنّارَ آمِنٌ، … ولكنْ حزينٌ موجَعُ القلبِ خائفُ

إذا عنَّ ذكرُ الموتِ أوجعَ قلبهُ … وَهَيّجَ، أحزاناً، ذُنُوبٌ سَوَالِفُ

وأعلمُ غيرَ الظنِّ أن ليسَ بالِغاً … أعاجيبَ ما يَلقى منَ النّاسِ، وَاصِفُ