أبكت الروض عليها جزعا – جبران خليل جبران

أبكت الروض عليها جزعا … وردة في عنفوان العمر حانت

لبست زينتها عارية … لشباب ثم ردت ما استدانت

لقيتها الأرض تكريما لها … بين جفنين فعزت حيث هانت

وابتنت من صدرها قبرا لها … جثت الحسنى عليه واستكانت

ذبل الريحان حزنا وبدت … سنة في أعين النرجس رانت

في جنان الخلد عقبى حرة … لم تمن يوما إذا الأزهار مانت

خابت الدنيا بها لم ترعها … وقديما خابت الدنيا وخانت

يا فراشات هنا حائرة … كلما مرت على القبر تحانت

حبذا ألوانك البيض التي … مثلما نوعها الحزن استبانت

كم بها من ملمح يندى أسى … مسحة الدمع تغشته فزانت

حبذا أجنحة وهمية … حملت وقرا وبالله استعانت

كبريقات تناهت سرعة … فاستقر الضوء منها وتفانت

ما لها ظل إذا ما أوضعت … ولها ظل خفيف إن توانت

يلمح الظن إذا ما رفرفت … سرب أرواح صغيرات تدانت

ولها أنات نوح حيثما … بلغت سامعة القلب ألانت

ما الذي تبغين من جوبك يا … شبهات الطير قالت وأبانت

نحن آمال الصبا كانت لنا … ههنا محبوبة عاشت وعانت

كانت الوردة في جنتنا … ملكت بالحق والجنة دانت

ما لبثنا أن رأيناها وقد … هبطت عن ذلك العرش وبانت

فترانا نتحرى أبدا … إثرها أو نتلاقى حيث كانت