أبت نفسِي الأبِيّة أن تُضاما – ابن شيخان السالمي

أبت نفسِي الأبِيّة أن تُضاما … ولو حمّلتها أعلى شماما

فأوردها المكاره وهي عطشى … وأصدرها ولم تُطف الأُواما

غدا بدر السماء لها نديماً … يدير لها نجوم الليل جاما

تحلت بالتواضع وهي تبني … لها في هامة الجوزا مقاما

تعاف حلى الحياة على الدَنايا … وتطلب في العلى الموت الزؤاما

ولي حلم يُعيد النار برداً … وعزم يترك الماء اضطراما

ومعوُّج الأمور فما تجلت … عليه حكمتي إلا استقاما

أراعي النجم سهراناً بطرف … ومن يرعى العُلا يأبى المناما

ولي صدر به علم غزير … كأن البحر يلتطم التطاما

إذا ما المشكلات علا دجاها … فلا عجب إذا كشف الظلاما

وللسر المصون مقام صدق … بقلبي لا أفضُّ له ختاما

غيور للمَحارم لستُ أرضى … لها في حقها إلا احتراما

أغار من النسيم بها مروراً … ومن طيف الخيال بها لِماما

أرى الدنيا وإن جلَّت ببغض … ولم أر مالها إلا حطاما

وكيف يضِنّ بالدنيا لبيب … أبت إلاَّ ذهاباً وانصراما

أأقصرُ عن مدى كرم وفضل … وآبائي ملوك لن تُسامى

فهبني في مقامات المعالي … هماماً أو حساماً أو غماما

لنا الفضل الذي ساوى البرايا … لنا الفضل الذي ساد الأناما

دعَونا دهرنا فأجاب سمعاً … وطوعاً قد غدوتُ لكم غلاما

إلى أبوابنا تغدو البرايا … وتحدى العيس مرسلة هُياما

نراهم حولها قعدوا جلوساً … وآونة بها وقفوا قياما

إذا دخلوا رأوا بحراً فراتاً … وإن رحلوا روا سيلاً سِجاما

لنا في الذروة القِدح المعلى … وأفعال الجميل لنا تماما