أأُهنيك قائلاً لك بشرى – حيدر بن سليمان الحلي

أأُهنيك قائلاً لك بشرى … أم اُعزّيك قائلاً لك صبرا؟

فرحة اردفت بترحة ثكلٍ … ساء فيها الزمانُ ساعة َ سرّا

شفعت فيه أوبة ٌ بذهابٍ … فمنحنا سجلين نفعاً وضرّا

ملأا بالسرور للمجد شطراً … من حشاه وبالكآبة شطرا

زمنٌ آب بالسعود حميداً … بعدما أقلق الركائب عصرا

قلت ألقى العصا وما كنتُ أدري … أنَّ فيها له مآربَ أخرى

بينما تكتسى وجوهُ الليالي … رونقاً للسرور إذ عدن غبرا

خيرُ يومٍ بدا بحلَّة زهوٍ … ما له تحتها تأبَّط شَرا

يا خليليَّ والحديثُ شجونٌ … فأجيلا معي إلى الحزم فكرا

خبراني عن الصواب برشدٍ … إن تكونا أحطتما فيه خبرا

كان لي في الأمور قلبٌ ولكن … بمقاديم دهشتي طار ذعرا

قد وفدنا لكي نهنّي المعالي … فوجدنا العيونَ منهنَّ عبرى

فماذا أواجهُ الفخرَ أم في … أيِّ شيءٍ أخاطب المجدَ جهرا؟

أبنعيٍ فأنثر الشجوَ دمعاً؟ … أم اُحيِّ فانظم السعدَ شعرا

فالليالي أقررن للجود عيناً … وعلى النعيِّ منه أقذين أخرى

ومن المكرمات أبكين جفناً … بعدما للسعود أضحكن ثغرا

طبت يا أرضُ بين حيٍّ وميتٍ … بالشذا عطرّاك بطناً وظهرا

فعزاءً «لمصطفى » المجد عن مَن … خلت «بالمصطفى » أهنّيه بشرى

رحلت بالجواد أيامُ دهرٍ … أين مرَّت من بعده قيل عقرا

كان بالأمس أنظرَ الناس ربعاً … وهو اليوم أطيبُ الناس قبرا

يا بني “المصطفى ” وبيتُ نداكم … قد بنى طائرُ الرجا فيه وكرا

شدتموه على التقى يهدمُ الدهرَ … ويبقى بناؤه مشمخرّا

لست أدري أأودعَ المجدُ منكم … بشراً فيه أم ملائك غرّا؟

خلَّد «المصطفى » به لكم الفخرَ … وزدتم «بالمصطفى » فخرا

أرجُ المجد لو تجسَّم نشراً … من شذاه لعطَّر الأرضَ نشرا

ولودَّت أترابُها الغيدُ أن قد … جعلته على الترائب عطرا

بسط الكفَّ بالسماح فقلنا: … أرسلت نوءَها الثريّا فدرِّا

ملكٌ في يديه عشرُ بنانٍ … نشأت للورى سحائبَ عشرا

زاد في قدره التواضعُ حتى … عاد عنه الزمانُ يصعر قدرا

فهو قلبُ العُلى وأيُّ مكانٍ … حلَّ فيه تواضعاً كان صدرا

بل هو العقدُ زانها وكذا العقـ … ـدُ يزين الفتاة َ جيداً ونحرا

لو تحكُّ النجومُ في عاتقيها … أخمصيه لقيل حسبُك فخراً

أطبقت ظلمة ُ الخطوب ولكن … بأخيه من ليلها شقًّ فجرا

فأرانا شمساً بوجه أبي “الها … دي» وشمنا به ـ ولا ليلَ ـ بدرا

ذاكَ مَن أزهرت مزايا عُلاه … فبدت والكواكبُ الزهر زهرا

جاء محضَ النجار أملسَ عرضٍ … فيه طابت حواضنُ المجد حجرا

عبقَ الجيب طاهرَ الردن والأذ … يال عفَّ الأزار سرّاً وجهرا

قد حلتْ لي أخلاقه في زمانٍ … قلتُ لمّا طعمته ما أمّرا

علمتني هي النظام إلى أن … قيل لي أنتَ أشعرُ الناس طرا

وأداروا لي المدامة منها … ثم قالوا تحبُّها قلتُ بهرا

ماجدٌ تطرب المسامعُ منه … من رقيق الثناء ما كان حرا

وإذا مرَّ في العطا ودَّ فيه … مجلسُ الجود لم يزل مستمرا

لا كمن إن تكلَّف الرفدَ يوماً … أكلتْ كفَّه الندامة ُ دهراً

ففداءاً لشبره باع قومٍ … لم تقس في ذراعها منه فترا

مدَّ لكن يداً صناع العطايا … طرَّزت بردتيه حمداً وشكرا

لا تفاخر به المجرَّة إلا … إن ترد تكسب المجرة َ فخرا

فهو بحرٌ ويقذف الدرَّ جوداً … وهي نهرٌ وليس يقذف درّا

وهو والمصطفى بنادي العُلى شفـ … ـعٌ وكلُّ يقوم في القوم وترا

حفظا حوزَة السماح وكلٌّ … دونها للعذول كم سدَّ ثغرا

فدمُ المكرمات لو لم يجيئا … لنعته يتائمُ الشعر هدرا

قد غرسنا فأثمر النظمُ حمداً … وسقيتم فأينع الجودُ وفرا

لسواه يا عاصراً حلبَ الفكر … بكفِّ الخسار تعصر خمرا

أيها الطيبون معقدَ أزرٍ … لكم الله شدَّ بالنصر أزرا

ذكركم بالجميل سار ولكن … كمسير الرياح براً وبحرا

قرّت الأرضُ بالجبال وكانت … هي والراسياتُ فيكم أقرّا

هاكموها بكرَ القريض وعنها … سائلاها هل مثلها افتضَّ بكرا؟

بسوى السحر لم تعب أي وعيـب … البابليات إنه كان سحرا

مزجت راحة َ السرور بضرٍّ … فأذاقت طعمين حلواً ومرا

همت في عفرها وما كلُّ من ها … م بوادي القريض يصطاد عفرا

زان تحبيرُها الطروسَ ففتّش … ما عداها تجده طرساً وحبرا