أأسمعُ ما قالَ الحمامُ السواجعُ ، – ابن المعتز

أأسمعُ ما قالَ الحمامُ السواجعُ ، … وصَايَحَ بَينٌ في ذُرَى الأيكِ واقعُ

منعنا سلامَ القولِ ، وهوَ محللٌ ، … سوى لمَحاتٍ، أو تُشيرُ الأصابعُ

تابى العيونُ البخلَ ، إلاّ نميمة ً ، … بما كَتَبَتْ من خَدّهنّ البراقعُ

وإنّي لَمغلوبٌ على الصّبرِ، إنّهُ … كذلكَ جهلُ المرءِ للحبّ صارعُ

كأنّ الصَّبَا هَبّتْ بأنفاسِ رَوضة ٍ … لها كوكَبٌ في ذُروَة ِ الشّمسِ لامعُ

توقدَ فيها النورُ من كلّ جانبٍ ، … وبَلّلَها طلٌّ مع اللّيلِ دامعُ

و شقّ ثراها عن أقاحٍ ، كأنها … تَهادتْ بمسكٍ نَفحُها والأجارعُ

ألا أيّها القَلبُ الذي هامَ هَيمَة ً … بشرة َ حتى الآن هل أنتَ راجعُ

إذِ النّاسُ عن أخبارِنا تحتَ غَفلَة ٍ، … وفي الحبّ إسعافٌ وللشّملِ جامعُ

و غذ هيَ مثلُ البدرِ يفضحُ ليلهُ ، … وإذ أنا مُسودُّ المَفارِقِ يافعُ

وغاصتْ بأعناقِ المَطيّ كأنّها … هياكلُ رهبانٍ عليها الصوامعُ

و راحتْ من الديرينِ تستعجلُ الخطى … كأنّ ذفاراها جفارٌ نوابعُ

أذا لَيلَة ٌ ظَلّتْ عَليهِ مَطيرَة ً، … تجافتْ بهِ حتى الصباحِ المضاجعُ

غَدا يَلمَحُ الأفقَ المُريبَ بطَرفِهِ، … وفي قَلبِهِ من خيفَة ِ الإنسِ رائعُ

لعمري لئن أمسى الإمامُ ببلدة ٍ … وأنتَ بأُخرى شائقُ القلبِ نازِعُ

لقد رمتَ ما يدنيكَ منهُ ، وإنما … أتَى قَدَرٌ والله مُعطٍ ومانعُ

و إني كالعطشانِ طالَ به الصدى … إليكَ،ولكن ما الذي أنا صانعُ

أيَذهبُ عمري والعَوائقُ دونَهُ، … على ما أرى ، إنّي إلى الله راجعُ

و ما أنا في الدنيا بشيءٍ أنا لهُ ، … سوى أن أرى وجهَ الخليفة ِ ، قانعُ

وهبني أريتُ الحاسدينَ تجلداً ، … فكيفَ بحبٍ ضمنتهُ الأضالعُ

وإنيّ لنُعماهُ القَديمَة ِ شاكرٌ، … وراءٍ بعينِ النصحِ فيهِ ، وسامعُ

وما أنا من ذكرِ الخَليفَة ِ آيسٌ، … وما دامَ حَيّاً علّلَتهُ المَطامعُ

وأقعَدَني عنهُ انتظارٌ لإذنِهِ، … و ما قالَ من شيءٍ ، فإنيَ طائعُ

صراطُ هدى يقضي على الجورِ عدلهُ ، … و نورٌ على الدنيا من الحقّ ساطعُ

وسيفُ انتقامٍ لا يَخافُ ضَريبَة ً، … وما شاءَ من ذي إحنَة ٍ فهَو قاطعُ

وإن يَعفُ لا يَندَم وإن يسطُ يَنتقم، … فهَل عادِلٌ فيها بما أنتَ واقعُ