أأخافُ صرفَ الدَّهرِ أمْ حدثانهِ – الشاب الظريف
أأخافُ صرفَ الدَّهرِ أمْ حدثانهِ … والدَّهرُ للمنصورِ بعضُ عبيدهِ
مَلِكٌ نَداهُ فَكَّنِي وانْتَشَانِي … مِنْ مِخْلَبيهِ وَمِنْ أَسَارِ قُيُودِهِ
مَلِكٌ إذا حَدَّثْتَ عَنْ إحْسانِهِ … حَدَّثْتَ عَنْ مُبْدِي النَّدَى وَمُعيدِهِ
سَادَ المُلُوكَ بِفَضْلِهِ وَبِنَفْسِهِ … والغُرَّ مِنْ آبائِهِ وجدُودهِ
وإذا ترنَّمتِ الرُّواة ُ بمدحهِ … وثنائه اهتزَّتْ معاطفُ جوده
لأَبِي المَعَالِي رَاحَة ٌ وَكَّافَة ٌ … كالغيثِ يومَ بروقِهِ ورُعُودهِ
صبٌ بتحصيلِ الثَّناءِ وجمعهِ … كَلِفٌ بِبَذْلِ المَالِ أَوْ تَبْدِيدِهِ
مَا زَالَ يَشْمُلُ حَاسِدِيهِ نَوَالُهُ … حَتَّى أَقَرَّ بِهِ لِسانُ حَسُودِهِ
سَلْ عَفْوَهُ وَحُسَامُهُ في غِمدِهِ … وحذارِ ثُمَّ حَذارِ من تجرِيدهِ
يَغْشَى الوَغَى مُتَلَفِّعاً بِرِدَائِهِ … ويَخُوضُهَا متسربلاً بحديدهِ
فَتَرَى الشُّجَاعَ يَفِرُّ مِنْهُ مَهَابَة ً … والموتُ بينَ لُهاتِهِ ووريدهِ
يَتَقَهْقَرُ الجَيْشُ اللهامُ مَخَافَة ً … مِنْهُ إذَا وَافَى أَمَامَ جُنُودِهِ
وَتَعُودُ مُخْفقة َ الرَّجَاءِ عِدَاتُهُ … وقلوبهَا خفاقة ٌ كبنُودِهِ
في مَعْرَكٍ إنْ كُسِّرت فيهِ القَنَا … وَصَلَ الحُسامُ رُكُوعَهُ بِسُجُودِهِ
جَارَى الغَمَامَ فَفَاتَهُ بِنَوَالِهِ … كَرماً وَفاقَ كَثيرَهُ بِزَهِيدِهِ
والدِّينُ أَثَّلهُ وشَادَ منارَهُ … حين اعتنى بحقوقِهِ وحُدودهِ
والملكُ لمْ ينفكّ يُعملُ عَزمَهُ … في نصرِ ظاهرِهِ ونُصحِ سعيده
إنَّ المَنَايَا والأَمَانِي لَمْ تَزَلْ … طَوْعاً لِسَابِقِ وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ
وأَرَى الحَيَاة َ لَذِيذَة ً بِحَيَاتِهِ … وأرى الوجودَ مشرَّفاً بوجودهِ
هَاجَرْتُ نَحْوَ مُحَمدٍ لَمَّا رَأَيْـ … ـتُ العَالَمَ العُلْوِيَّ في تأْييدِهِ
وثنيتُ أعناقَ القوافي نحوهُ … وَنَظَمْتُ دُرَّ مَدائِحِي في جِيدِهِ
وَنَظَرْتُ نُورَ جَلاَلِهِ وَوَرَدْتُ بَحْـ … ـر نَوالِهِ ولبستُ وشيَ بُرُودِهِ
وَمَلأْتُ عَيْنِي مِنْ مَحَاسِنه التي … ملأتْ عُيونَ عَدُوِّهِ وحَسُودِهِ
وَجَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْ أَجلِّ زَمَانِهِ … قدراً وواحدِ عصرهِ وفريدهِ
وأَفَدْتُ سَمْعِي مِنْ فُكَاهَة ِ مُمْتِع … الألفَاظِ مَقْبُولِ الكَلاَمِ مُفِيدِهِ
فصدرتُ عنْ صدقاتِ مشكورِ النَدَى َ … والجُودِ مَشْكُورِ الفِعَالِ حَمِيدِهِ
فلو أنني خُيَّرتُ منْ دهري المُنى … لاخْتَرْتُ طُولَ بَقَائِهِ وَخُلُودِهِ
يا آلَ أيوبٍ جزيتُمْ صالِحاً … عَنْ مُحْسِنٍ مَدَحِ المُلُوكِ مُجيدهِ
ونعمتمُ ما أفترّ عن ثغرِ الضُّحى … صُبْحٌ وَما فَضَحَ الدُّجَى بِعَمُودِهِ
يا أيها الملكُ الذي حَازَ العُلى … فثنى عِنانَ الفكرِ عن تحدِيدِهِ
أَمّا الزَّمانُ فأَنْتَ دُرَّة ُ عِقْدِهِ … وسنانُ صعدتِهِ وبيتُ قصيدهِ
والشِّعْرُ أَنْتَ أَحَقُّ مَنْ يَهْتَزُّ عِنْـ … ـدَ سَماعِهِ وَيَمِيلُ عِنْدَ نَشيدِهِ
فاسلمْ لِمُلكٍ بل لمجدِ أنتَ في … تأْسِيسِهِ والله في تأْييدِهِ