يفسح الراحلون للقادمينا – جبران خليل جبران

يفسح الراحلون للقادمينا … احسن الله حظم يا بنينا

إحفظوا غيبنتا وأغضوا عن التقصير … منا في شوطنا اسبقونا

نحن لم نخترع جديد المعاني … وغلونا في لفظها تحسينا

فتح الفن كل باب حديث … وعلى عهده العتيق بقينا

فخذو انتم من العلم ما أعطى … قوولا الطريف قولا مبينا

لغة الضاد لا تضن عليكم … إن جددتم بكل ما تبتغونا

كل يم يصيب في منجم منها … الأجيب الريب كنزا دفينا

أخذ الغرب من مغوصنا الدر … وفي صوغه أجاد الفنونا

فكروا فكروا مليا مليا … واستقلوا بوحيكم راشدينا

فإذا ما انشأتم فاخلقوا خلقا … تكونوا حقيقة منشيئنا

ذاك ذاك التجديد لا فعل من يمكن … في مقعل القديم سجينا

لا ولا خلط من إلى الفضل يعزو … خلطه بالفصاحة التهجينا

أيها الشاعر الفتى عش وزدنا … مبدعات على توالي السنينا

وليكن فوزك العتيد لما يتلو … من الفوز طالع ميمونا

أحمس الأول ابتداء جميل … أطرب السامعين والناظرينا

سقت فيه طرد الرعاة مساقا … زاد جيد البيان عقدا ثمينا

وبعثت الأشخاص بعثا عجيبا … وسبكت الأغراض سبكا رصينا

وأمطت الحجاب عن أي سر … كان في مهجة الفخار مصونا

بين نثر لا عيب يه وشعر … مثل ما تشتهي المنى أن يكونا

كلم من تخطف البرق يسبقن … إلى موقع الجمال الظنونا

أساليب في الرواية يحدثن … سرورا وقد أسلن الشؤونا

وحوار يبلغ العظة المثلى … من الأولين للآخرينا

وختام تضوع المسك منه … بعبير أضاعه الدهر حينا

قد سممنا لحب طيبة فيه … نفح طيب أذكى الحمية فينا

إن تكن هذه روايتك الأولى … فما الظن باللواتي لينا