يارُبَّ مَجْلِسِ فِتْيانٍ سمَوْتُ له، – أبو نواس

يارُبَّ مَجْلِسِ فِتْيانٍ سمَوْتُ له، … وَاللّيلُ مُحتَبِسٌ في ثوْب ظلماءِ

لِشُرْبِ صافية ٍ من صَدْرِ خابيَة ٍ … تَغْشى عيونَ نَداماها بلألاءِ

كأنّ مَنْظَرَها، والماءُ يقرَعُها، … ديباجُ غانيَة ٍ ، أو رقْمُ وَشّـاءِ

تَستنّ من مَرحٍ، في كفّ مُصْطبحٍ … من خمر عانة َ، أوْ من خمر سُوراءِ

كأنّ قَرْقَرَة َ الإبريق بَيْنَهُمُ … رجْعُ المَزَامير، أو تَرْجيعُ فأفاءِ

حتى إذا درَجتْ في القوْم، وَانتشرَتْ … همّتْ عيونُهُمُ منها بإغفاءِ

سألتُ تاجرها: كم ذا لعاصرها ؟ … فقال: قصّر عَن هذاكَ إحصائي

أُنْبِئْتُ أنّ أبا جدي تخَيَّرَها … من ذُخر آدَمَ، أوْ من ذخر حوّاءِ

ما زالَ يمطُلُ مَن يَنتابُ حانَتَها … حتى أتَتْني وكانت ذخر موتائي

و نحن بين بساتينٍ ، فَتَنْفَحُنا … ريحَ البنفسَج، لا نَشرَ الخزاماءِ

يسعى بها خَنِثٌ ، في خُلقِهِ دَمَثٌ ، … يستأثرُ العَينَ في مُستَدرج الرّائي

مقرَّطٌ، وافرُ الأرْداف، ذو غُنُجٍ … كأنّ في راحَتَيْه وَسْمَ حِنـّاءِ

قد كسّرَ الشّعرَ واواتٍ، وَنَضّدَهُ … فوقَ الجَبين . وردّ الصّدغَ بالفاء

عيناهُ تقْسمُ داءً في مجاهرها … وَ رُبّما نَفَعَتْ مِن صوْلة الدّاء

إنّي لأشرَبُ مِن عَيْنَيه صافيـة ً … صِرْفاً، وَأشرَبُ أُخرَى معْ ندامائي

وَلائِمٍ لامَني جَهْلاً، فقلتُ لهُ: … إنّي وَعَيشِكَ مشغوفٌ بمولائي