عَصْرٌ جَلاَ آيَاتِ نُور الهُدَى – خليل مطران
عَصْرٌ جَلاَ آيَاتِ نُور الهُدَى … مَا كَانَ أَحْرَاهُ بِانْ يُسْعَدَا
سَيِّدَةٌ مِنْ عُنْصُرٍ نَابِهٍ … كَانَ أَبُوها فِي الْحِمَى سَيِّدَا
عَقِيلَةٌ أَنْزَلَهَا عَقْلُهَا … مِنَ الْغَوَانِي مَنْزِلاً مُفْرَدَا
أُمٌّ أَقَرَّ اللهُ عَيْنَ الْعُلَى … بِفَرْقَدٍ مِنْهَا تَلا فَرْقدَا
فَصَوَّرَتْ فِي ابْنَتِهَا نَفْسَهَا … وَفِي ابْنِهَا مَنْجَبَةُ الاصْيَدَا
زَعِيمَة قَدْ أَحْدَثَتْ نَهْضَةً … مَطْلَبُهَا سَامٍ بَعِيدُ الْمَدَى
تَجِدُّ ذَوْداً عَنْ حُقُوقٍ عَفَتْ … فِي غَفْلَةِ الدَّهْرِ وَضَاعَت سُدَى
كَانَتْ نِسَاءُ الشَّرْقِ مِنْ قَبْلِهَا … فِي حَيْرَةٍ لاَ تَجِدُ الْمُرْشِدَا
مَظْلُومَةُ لَيْسَ لَهَا مُنْصِفٌ … مَنْجُودَةٌ أَخْطَاتِ الْمُنْجِدَا
فَنَبَّهَتْ فِيهَا الضَّمِيرَ الَّذي … يَخْدُرُ فِي الحُرِّ إِذَا اسْتُعْبِدَا
وَأَذْكَرَتْهَا أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا … أَنْ تُصْلِح الْعَيْشَ الذي أُفسِدَا
وَأَنَّهَا أَنْ أَكْمَلَتْ بَعْلَهَا … رَدَّتْ إِلَى أُمِتهَا السُّؤْدَدَا
وَأَنهَا أَنْ أَحْكَمَتْ وُلْدَهَا … تُصْبِحُ أُمَّ الْوَطَنِ الْمُفْتَدَى
مَرَامُ خَيْرٍ لَمْ يتَحْ لِلأُلى … أَرَاسَ رَامِيَهُمْ فَمَا سَدْدَّا
لِمِصْرَ مَا حَوَّلَ مِنْ حَالَةٍ … لِمِصْرَ مَا أَبْلَى وَمَا جَددَا
بُورِكَ فِي ذَاتِ الْكَمَالِ التي … تُهَيِّيءُ الْمُسْتَقْبَلَ الأمْجَدَا
أَبْدَعُ مضا فِي نَفْسِهَا مِنْ حِلىً … لَهُ شُعَاعٌ فِي الْمُحَيّا بَدَا
إِنْ كَتَبْتْ أَوْ خَطَبَتْ نَافَسَتْ … أَقْوَالُهَا اللُّؤلُؤَ وَالْعَسْجَدا
فِي كُلِّ مَا تَسْتَنُّ مِنْ وَاجَبٍ … تَحْسَبُهُ وَاجِبَهَا الاوْحَدَا
لاَ يَبْعُدُ الْقُطْبُ عَلَى عَزْمِهَا … إِذَا توَخَّتْ عِنْدَه مَقْصِدَا
فِي الشَّرْقِ وَالغَرْبِ يذَاعُ اسْمُهَا … مقْتَرِناً بِالشُّكْرِ مَا رَدَّدَا
وَصَوْتُهَا المَسْموعُ فِي مِصْرَ قَدْ … دَوَّى لَه فِي كُلِّ مِصْرٍ صَدَى
يُنْبوعُ إِحْسَانٍ وَبِرٍّ جَرَى … أَصْفَى وَأَنْقَى مِنْ قِطَارِ النَّدَى
تَرْعَى الايَامَى وَالْيَتَامَى إِذَا … عَزَّهُمُ الْعَوْنُ وَعَزَّ النَّدَى
فِي كُلِّ مَا يَرْقَى بِه قَوْمُهَا … تَبْذُلُ مَجْهوداً وَتُسْدي يَدَا
لِطَالِبَاتِ الرِّزْقِ مِنْ صَنْعَةٍ … وَطَالِبَاتِ الْعِلْمِ مَدَّتْ يَدَا
فَلِفَرِيقٍ أَنْشَأَتْ مَصْنَعاً … وَلِفَرِيقٍ أَنْشَأَتْ مَعْهَدَا
وَنَوَّعَتْ فِي الصُّحفِ أَضْوَاءَهَا … فَهْيَ مَنَارٌ رُفِعَتْ لِلهدَى
إِحْسَانُهَا فِي الْعَصْرِ لَنْ يُمْتَرَى … وَفَضْلُهَا فِي مِصْرَ لَنْ يُجْحَدَا
تَعْفُو الْفُتُوحَاتُ وَأَرْبَابُهَا … وَذِكْرُهَا فِي النَّاسِ قَدْ خُلِّدَا
أي الْمَسَاعِي فِي سَبِيلِ الْحِمَى … وَأَهْلهِ أَولَى بِأّنْ يُحَمدَا