طلعت طلوع الشمس بالنور والندى – جبران خليل جبران
طلعت طلوع الشمس بالنور والندى … فلا زلت شمس البر يا ربة الندى
وقد تحرم الشمس العفاة شعاعها … ولم تحرميهم منك في حالة يدا
لمقدمك الميمون مصر تهللت … وجناتها افترت وبلبلها شدا
أرى بسمات للقاء تألقت … على كل وجه كان إذ غبت مكمدا
وأسمع في الافاق من كل جانب … أناشيد بشرى في النفوس لها صدى
جماهير في طول البلاد وعرضها … من الحافظين العهد غيبا ومشهدا
يهنيء كل منهم النفس أن يرى … إلى الوطن المشتاق عودك أحمدا
تنادت بنات الشعر يضفرن للتي … تخلدها الالاء تاجا مخلدا
وذاك إذا باهى بتاجيه قيصر … له رونق أزهى وأبقى على المدى
أيعدل باق صيغ من جوهر النهى … ببعض الثرى الفاني وإن كان عسجدا
حقيق بوادي النيل إبداء سعده … على أن ما في النفس أضعاف ما بدا
فإن التي يعلى بحق مقامها … لاهل بإجماع الموالين والعدى
أما هي أرقى نسوة الشرق شيمة … ونبلا وأسماهن جاها ومحتدا
إلى أوجها الاعلى رفعت تحيتي … وفي كل قلب رجعها قد ترددا
وأحسبني عن مصر نبت وأهلها … وعن مجد مصر دارسا ومجددا
وعن كل محزون وعن كل بائس … بها عاد عن باب الاميرة بالجدا
وعن كل ملهوف أغاثت وحرة … من العاثرات الجد مدت لها يدا
وعن كل خريج بعلم وصنعة … أقامت له في ساحة الفضل معهدا
وعما أعدت لليتيم فثقفت … فرب يتيم عاد للخلق سيدا
أيا آية الشرق التي ضنت العلى … باشرف منها في العصور وأمجدا
دعوك بأم المحسنين وأنها … لدعوة صدق في فم المجد سرمدا
فأنت لهم أم وأنت أميرة … أجل ولك الدنيا وأجوادها فدى