طاعت لك الأحرار باستعبادها – ابن دارج القسطلي

طاعت لك الأحرار باستعبادها … وأباحت الأملاك صعب قيادها

فلأخمصيك اليوم حر وجوهها … ولوطء خيلك أمس حر بلادها

ما زلت تخطب بالظبى أرواحها … حتى أتتك بهن في أجسادها

وتحمل الخطي أرؤسها فقد … جاءتك تحملها على أكتادها

من بعدما قد رعتها بعزائم … هدت لهن الشم من أطوادها

وخلت متون الخيل من أبطاها … ومرابض الآجام من آسادها

ومشاهد البيعات من عمارها … ومعالق الصلبان من عبادها

حتى تلافت منك باستسلامه … ما كان أعجزها بحر جلادها

ورمى ابن شنج إليك نفس محكم … نهج الخضوع لها سبيل رشادها

مستعطفا لحشاشة من ملكه … وثمالة قد آذنت بنفادها

فاستنقذته منك عودة منعم … قامت لمهجته مقام معادها

وثنى نواجذه وفلذة كبده … شفقا وناظر عينه وسوادها

فسما يخوض إليك بحر كتائب … ضاقت جنود الأرض عن أجسادها

في سابغات دروعها ومثقفات … رماحها ومسومات جيادها

نيطت نجوم السعد من أعلامها … وغدت جنود النصر من أمدادها

غازت لعطف العامري مجاهد … في طاعة المنصور حق جهادها

مستنجد منه مذلة خاضع … غنم الحياة أبوه باستنجادها

فحمته طاعتك التي لو خانها … طارت إليه البيض من أغمادها

حتى أناخ بعقوة الملك التي … قد حلق العيوق دون وهادها

ومليك قحطان الذي وكلت به … إحياء مفخرها ورفع عمادها

صفو الملوك الصيد من أذوائها … وسلالة العظماء من أمجادها

وسنيها وعليها وزكيها … وحليمها وكريمها وجوادها

فاسلم لعز الدين والدنيا التي … أصبحت أنفس ذخرها وعتادها

حتى تؤدي شكر سعيك أمة … وطأت في نعماك خفض مهادها

خضت المهالك دون صفو حياتها … وهجرت غمضك عن لذيذ رقادها

بلغت سجالك منتهى رغباتها … وتجاوزت نعماك شأو مرادها

والله يشهد أن بين جوانحي … نفسا رجاؤك في صميم فؤادها

لو قارعت عنك الخلائق كلها … غلبت عليك بشكرها وودادها