صراخ المعنى – أديب كمال الدين

أحرقني الأسودُ بالمكر

أدخلني بيت طفولتي المفقودة سرّاً..

وضع الشمسَ بكوبي..

حررني من هدهدِ خوفي..

فأقمتُ متاريس الرغبة مجنوناً بالماء

والباءُ دعاء جسدي ألهمني الأخضرَ مسحوراً

فأقمتُ قليلاً..

وبكيتُ على نار المأوى..

الأسودُ احتاط لأشواقي..

ألقى القبض على الباء المجرورة من فخذيها..

ورماني كالكلبِ على باب الطرقات

فصهلتُ حنيناً..

ومضيتُ وحيداً

معجزتي الكاف وشعبي الباء

أشعاري الكاف وشمسي الباء

وبكيتُ: تذكّرتُ بأنّ الباء ستسبق كافي

فمتى أتدثر من هذا البرد الاعجازي؟

ومتى أحتاط لهذا الدس الهولاكي؟

ومتى أغفو كرنين الماء؟

وتذكّرتُ بأنّ الباء ستقتلني ذات مساء،

ترميني بالطلقاتِ بفجرِ النخلِ العالي..

إن ّالباء ستذبحني في ليلٍ أجوف كالبحر

إنّ الباء نداء

وأنا أصرخ في أزمنتي: من يومٍ حتى يومٍ..

من سنةٍ حتى أخرى

من قرنٍ حتى قرن

أبكي، أتدثر بالصمت وأغفو

وأقومُ وأدعو وأصومُ، أناشدُ بابَ المعنى

بكلام اللامعنى

مهزوماً مخذولاً مطعوناً في السرّ ومنتصراً..

في العلنِ المُعَلن

فمتى تأتي الباء؟

أفلا تشتاق لأزمنةٍ أحرقنا فيها أربعةً من طير الله

ودعونا الطير فجاءتْ سعياً؟

أزمنة كلّمنا الحبُّ وأحرقنا رهباً؟

أزمنة مرّتْ لاهيةً في الريح

غسلتْ ثدييها بفراشات الروح؟

التهمة ثابتة جداً حد الشك المطعون

والشاهدُ مجنون

الأسودُ حاصرنا في محكمة الصرخات طوال الليل

حتى جاء الفجرُ صرخت،

إني أختطّ لحزني مهزلة وأقوم نبياً معجزتي الكاف

والكافُ وحيد أوحد من جثة مقتولٍ طافية فوق الماء.