شجرة الثعابين – أديب كمال الدين

(1)

حين بدأتُ أحبو

ثم أخطو قليلاً قليلاً

تسلّقتُ شجرةَ الطفولة

بعينين فرحتين

تتطلعان إلى بهجةِ التفّاح

وفرحِ الموز

كنتُ أصعد وأصعد

ودعواتُ جدّتي

تدفعني أعلى فأعلى

لكنْ، على حين غرّة، ماتتْ جدّتي

فسقطتُ، واأسفاه، من شجرةِ الطفولة.

(2)

استمرّ سقوطي عاماً فعاماً

ولم أصل إلى الأرض

كنتُ خفيفاً كما يقولُ الحلم

كنتُ خفيفاً بما يكفي

لأسقط على شجرةٍ ثانية

تُدعى: شجرة الحبّ

تسلّقتُها بعينين فرحتين

تتطلّعان إلى لذّةِ التفّاح

فالتفّاح فاكهة الحبّ كما تقولُ الأسطورة

لكنْ، على حين غرّة،

ضاعتْ حبيبتي

وقبلاتُ حبيبتي

ومواعيد حبيبتي

فسقطتُ، واحسرتاه، من شجرةِ الحبّ.

(3)

كنتُ أتوّقع أن يكونَ سقوطي مدوّياً

لأنّ شجرةَ الحبّ عالية كالجنّة

لكنْ رغم مرور السنين

لم أصل إلى الأرض

ربّما لأنني كنتُ سعيداً كما تقول الدعابة

ربّما لأنني كنتُ سعيداً بما يكفي

لأسقط على شجرةٍ ثالثة

تُدعى: شجرة الموت.

(4)

هذي المرّة

كان الأمرُ خطيراً

فشجرةُ الموتِ لا تحبّ المزاح

لا تحبّ الطفولةَ ولا الحبّ

لكنها شجرة مضحكة

كانت طويلةً كجهنم

وساقها ملساء كجلدِ الأفاعي

وليس هناك في الأعالي

من ثمرٍ مُلوّن

أتطلّع إليه بعينين فرحتين

وقلبٍ ساذج

فشجرةُ الموت،

كما قيلَ لي،

مسكونة بالندم

وقيلَ مسكونة بالملائكة

وقيلَ بل بالأجراسِ السود

وقيلَ بل بالثعابين

وقيل..

لكنْ من المؤكّد

أنني أتسلّقُها كلّ يوم

منذ سنين طويلة

وأنا في طريقي إلى الندم

أو إلى الملائكة

أو إلى الأجراسِ السود

أو إلى الثعابين.