سأصرفُ عن آياتٍ كلَّ محققٍ – محيي الدين بن عربي
سأصرفُ عن آياتٍ كلَّ محققٍ … رجالاً أبوا إلا التبجحَ بالهزلِ
ولم أر في الآيات مثلَ كلامه … يلازمهُ قلبي ملازمة َ الظلِّ
ولم أشهدِ الأقوام لكن رأيتُهم … سكارى حيارى يطلبونَ على مثلي
فلما رأوني لم يروا ما تخيَّلوا … لأنَّ شهودَ العينِ سترٌ على إلي
ولما رأوني لم يروا ما تحققوا … لأنهمُ في النشء ليسوا على شكلي
مزاجهمُ غير الذي قد مزجته … وإنّ مزاجي لم يكن فيه من قبلي
فإني وحيدُ العصر شهم مقيد … بشرعٍ وتحقيقٍ وذا غاية ُ الفضلِ
سألتُ اجتماعاً بينَ عيني وشاهدي … ومن لي بهذا الجمع من لي به مَنْ لي
لقد جدت يوماً بالقرونة مثلما … تجودُ به الأمطار في الزمنِ المحلِ
أقول بعين الجمع في عين مفرد … تعجبتُ من جزء له حكمة ُ الكل
كآدم لما أنْ علمتُ بذاته … وقد جاء في الأخرى على صورة ِ الإل
وصورة ُ ما في الكونِ من عالمٍ علا … ومن أنزل فيه إلى غاية ِ السفلِ
علمتُ بحالي إن تحققتْ نشأتي … إذا كان مرآتي بأني من الأهل
فقالَ لي المطلوب أنتَ حقيقتي … فأنتَ منْ إليَّ لستُ واللهِ من أهلي
فقلتُ لهث قلْ لي الذي قدْ علمتهُ … منْ أحوالِ قلبي في جنابكمُ قلْ لي
فقدْ كانَ ظيفورُ يقول هوى لكمْ … وأتبعهُ فيهِ أبو بكرٍ الشبلي
خلعتُ عليهِ منْ صفاتي ملابساً … ليخلفني فارتاع من ذلك الفضل
ونادى بترجيعٍ وقولٍ مفصلٍ … إلهي ماذا بعد أنْ جدتَ بالوصلِ
يكلفني ما لا أطيق احتماله … ولمْ يدرِ أني في الأطايبِ والثقلِ
وإني منْ أعطى الوجودَ كمالهُ … كما أنهُ أعطى الكثيرَ منَ القلِّ
وجاد على قومٍ بريّا ممسكٍ … وجادَ على قومٍ برائحة ِ الزبل
وكلٌّ لهُّ فيهِ نعيمٌ ورغبة ٌ … فما في عطاءِ الله شيءٌ من البخلِ