تمنى ابن مسعود لقائي سفاهة – الفرزدق
تَمَنّى ابنُ مَسعُودٍ لِقائي سَفَاهَةً، … لَقَد قالَ حَيْناً يَوْمَ ذاكَ وَمُنكَرَا
مَتى تَلْقَ مِنّا عُصْبَةً يا ابنَ خَالِدٍ … رَبيئَةَ جَيشٍ أوْ يَقودونَ مِنْسَرَا
تَكُنْ هَدَراً إنْ أدرَكَتْكَ رِماحُنا، … وَتُترَكَ في غَمّ الغُبَارِ مُقَطَّرَا
مَنَتْ لَكَ مِنّا أنْ تُلاقيَ عُصْبَةً … حِمَامُ مَنَايَا قُدْنَ حَيْناً مُقَدَّرَا
عَلى أعْوَجِيّاتٍ، كَأنّ صُدُورَهَا … قَنا سَيْسَجانٍ مَاؤهُ قَدْ تَحَسّرَا
ذَوَابِلَ تُبْرَى حُولُها لِفُحُولِهَا، … تَرَاهُنّ مِنْ قَوْدِ المَقانِبِ ضُمَّرَا
إذا سَمِعَتْ قَرْعَ المَساحِلِ نَازَعَتْ … أيَامِنُهُمْ شَزْراً مِنَ القدّ أيْسَرَا
يَذُودُ شِدادُ القَوْمِ بَينَ فُحُولِها … بِأشْطانَهَا مِنْ رَهْبَةٍ أنْ تُكَسّرَا
وَكُلُّ فَتىً عَارِي الأشاجعِ لاحَهُ … سَمُومُ الثّرَيّا لَوْنُهُ قَدْ تَغَيّرَا
على كُلّ مِذْعانِ السُّرَى رَادِنِيّةٍ … يَقُودُ وَأىً غَمرَ الجِرَاءِ مُصَدَّرَا
شَديدَ ذَنوبِ المَتنِ مُنغَمِسَ النَّسا … إذا مَا تَلَقَّتْهُ الجَراثيمُ أحْضَرَا
وَكَمْ مِنْ رَئِيسٍ غَادَرَتْهُ رِماحُنا … يمُجّ نجيعاً مِنْ دَمِ الجَوْفِ أحْمَرَا
وَنَحْنُ صَبَحْنا الحَيَّ يَوْمَ قُرَاقِرٍ … خَميساً كأرْكانِ اليَمامَةِ مِدْسَرَا
وَنَحْنُ أجَرْنَا يَوْمَ حَزْنِ ضَرِيّةٍ، … وَنَحنُ مَنَعنا يَوْمَ عَيْنَينِ مِنقَرَا
وَنَحْنُ حَدَرْنَا طَيّئاً عَنْ جِبَالِها، … وَنحنُ حدَرْنا عن ذُرَى الغَوْرِ جَعفَرَا
بِأرْعَنَ جَرّارٍ تَفِيءُ لَهُ الصُّوَى، … إذا ما اغتَدى من مَنزِلٍ أوْ تهَجّرَا
لَهُ كَوْكَبٌ إذ ذرّتِ الشمسُ وَاضحٌ، … تَرَى فيهِ مِنّا دارِعِينَ وَحُسَّرَا
أبي يَوْمَ جَاءتْ فَارِسٌ بجُنُودِها … على حَمَضَى رَدّ الرّئيسَ المشَوَّرَا
غَدا وَمَساحي الخيْلِ تَقْرَعُ بَيْنَها، … وَلمْ يَكُ في يَوْمِ الحِفاظِ مُغَمِّرَا
كَأنّ جُذُوعَ النّخْلِ لمّا غَشينَهُ … سَوَابِقُها مِنْ بَينِ ورْدٍ وَأشْقَرَا