تلقَّ نصيحتي يا ابن الوزير – ابن الرومي

تلقَّ نصيحتي يا ابن الوزير … بصفحة وجهك الحسن النضيرِ

إذا ما كنت ذا سخطٍ كبيرٍ … فلا تسخط على رجل صغير

سخطت على مهندسك الملّقى … وما هو كفءُ سخطك بالضمير

فكيف إذا أسأت القول فيه … وكيف إذا اعتزمت على النكير

ظلمت وما ظلمت الخصم لكنِ … ظلمت العتْب ذا القدر الخطير

قبيحٌ أن تعاقب مستكيناً … وليس عليك غيرك من مُجير

أعيذك من إخافة مستجير … وأنت مكانُ أمنِ المستجير

ومن إحلال قارعة ٍ بنفسٍ … رجتك لدى مخاذلة النصير

أسيرُك فاقْرِهِ واعددْهُ ضيفاً … فما ضيفٌ بأضعف من أسير

وليس قرى ً بأضعف من تجافٍ … يكون عن المسيء من القدير

إذا سخط المؤدب خيف منهُ … فكيف تُرى من السخط المبيرِ

متى يُقرن بسخطٍ منك قِرْنٌ … فدهر الناس ذو الخطب الكبير

أتوقِعُ بامرىء ٍ لم يمس يرجو … سواك على البلية من ظهير

ومن لم يُكفَ ما جرّت يداهُ … فقادته الجريرة في جرير

وأغمد سيفه عن كل شيءٍ … وجرّد نصله لابني سمير

وإن أنصفت والانصاف أولى … بمثلك فاعلمنْ يا ابن الوزير

فليس بجائزٍ سخطٌ عظيمٌ … تسلِّطه على رجل حقير

أتتك به جريمتهُ ذليلاً … غضيض الجفن ذا نظر حسير

وأعدمَهُ النصيرَ شقاءُ جدٍّ … فأمّل منك معدوم النظيرِ

أتُظلِم منك ناحية ٌ عليه … وفيها سُنّة القمر المنير

كفاهُ بأن يراك وأن يرانا … ونحن لديك في العيش الغرير

وأنّا مكرمون لديك طراً … نراه بمزْجَر المُقصَى الحقير

لذاك أمضُّ من مَضض التنائي … وأتعبُ للشقي من المسير

ومن تسخط عليه فذو اغترابٍ … وإن لم يمسِ في بلدٍ شطير

كفاهُ فوتُ تقريب المُناجَى … لديك وفقدُ منزلة الأثير

مضى لك أولٌ فيه جميلٌ … فصِلْهُ بمنّة ٍ لك في أخير