تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ – مصطفى صادق الرافعي

تقاصرَ عمرُ الظلامِ الطويلْ … ولا بدَّ من أجلٍ للعليلْ

وضاقَ بهِ الأفق ضيقَ القبور … فزمَّ الكواكبَ يبغي الرحيلْ

وراحَ فخفَّتْ همومُ القلوبْ … كما سار بعدَ المقامِ الثقيل

لقدْ كدتُ أبغضُ لونَ الظلامْ … لولا شفاعةُ طرفٍ كحيلْ

طوى الشمسَ فاختبأت أختها … نفورَ الغزالِة من وجهِ فيلْ

وكانتْ إذا احتجتْ قبلهْ … تجاذبها نسماتُ الأصيلْ

أرى البدرَ غارَ فأغرى بها … وكلُّ جميلٍ يعادي الجميلْ

أم الحظُّ أرسلَ لي ذا الدجى … فكانَ الرسالة وجه الرسولْ

أم الليلٌُ قد قامَ في مأتمٍ … فمنهُ الحدادُ ومنهُ العويلْ

ولم أنسَ ساعةَ أبصرتُها … وجسم النهارِ كجسمي نحيلْ

وقد خرجتْ لتعزي السماءْ … عن ابنتها إذ طواها الأفولْ

على مركبٍ أشبهتهُ البروج … تمرُّ بهِ كالبروقِ الخيولْ

إذا قابلتهُ لحاظُ العيونْ … سمعتَ لأسيافهنَّ صليلْ

وإن قاربتهُ ظنونُ النفوس … رأيتَ النفوسَ عليهِ تسيلْ

وقد أخرجتْ نفحاتُ الرياضْ … زكاةَ الرياحينِ لابنِ السبيلْ

وقد عبثَ الدلُّ بالغانياتْ … فذي تتهادى وهذي تميلْ

كأنَّ الحواجبَ قوسٌ فما … تحركَ إلا جلتْ عن قتيلْ

كأنَّ القلوبَ أضلَّتْ قلوباً … فكانتْ لحاظُ العيونِ الدليلْ

حمائمٌ في حَرَمٍ آمنٍ … بهذي الضلوعِ بناهُ الخليلْ

وما راعها غيرُ لونِ الدجى … يصدئُ لوحَ السماءِ الصقيلْ

فيا قبحَ الليلُ من قادمٍ … بوجهِ الكذوبِ ومرأى العذولْ

بغيضٌ إلينا على ذلَهِ … وشرٌّ من الذلِّ بغضُ الذليلْ

وكم عزني بالأماني التي … أرتني أنَّ زماني بخيلْ

ومن أملِ الناسِ ما لا يُنالْ … كما أنَّ في الناسِ من لا يُنيلْ