الضلوعُ تَتَّقِدُ – أحمد شوقي
الضلوعُ تَتَّقِدُ … والدموعُ تَطَّرِدُ
أيَّها الشَّجيُّ ، أفقْ … من عناءِ ما تجد
قد جرَتْ لغايتها … عبرة ٌ لها أمد
كلُّ مسرفٍ جزعاً … أو بكى ؛ سيقتصد
والزمانُ سُنَّتُه … في السُّلُوِّ يجتهد
قل لثاكلينِ مشى َ … في قواهما الكمد
لم يعافَ قبلكما … والدٌ، ولا وَلَد
الذين ميلَ بهم … في سفارهم بعدوا
ما علمنا أَشَقُوا … بالرحيل أم سعدوا
إن منزلاً نزلوا … لا يردُّ من يرد
كلُّنا إليه غداً … ليس بالبعيد غدُ
البنونَ هم دمنا … والحياة ُ والورد
لا تَلَدُّ مثلَهم … مُهْجَة ٌ، ولا كَبد
يستوون واحِدُهم … في الحنان والعدد
زينة ٌ ، ومصلحة ٌ … واستراحة ٌ، ودد
فتنة ٌ إذا صلحوا … محنة ٌ إذا فسدوا
شاغلٌ إذا مرضوا … فاجعٌ إذا فُقِدوا
جُرحُهم إذا انتُزِعوا … لا تلمُّه الضُّمدُ
العزاءُ ليس له … آسياً ، ولا الجلد
قل لِهيكل كَلِماً … من ورائهَا رَشَد
لم يَشُبْ مهذّبَها … باطلٌ ولا فَنَد
قد عجبتُ من قلمٍ … ثاكلٍ وينجرد
أَنتَ ليثُ معركة ٍ … وهو صارمٌ فرد
والسيوفُ نَخْوَتُها … في الوَطِيس تَتَّقِد
أَنت ناقدٌ أَرِبٌ … والأريبُ ينتقد
ما تقول في قدرٍ … بعضُ سنِّه الأبد
وهو في الحياة على … كلِّ خطوة ٍ رصد
يَعثُر الأَنامُ به … إن سعوا ، وإن قعدوا
يَنْزِلُ الرجالُ على … حُكْمِه وإن جَحَدوا
القضاءُ مُعْضِلة ٌ … لم يحلَّها أحد
كاّما نقضت لها … عُقْدَة ً بدتْ عُقد
أتعبتْ معالجها … واستراح مُعْتَقِد
اتِلافُه رَشَدٌ … بالبقاءِ مُنْفَرِد
مِن بِلَى كَوائِنه … كائناتُه الجدد
لا تقل به إددٌ … إنّ حسنه الإددُ
تلتقي نقائضُه … غاية ٌ وتتَّحد
الفناء فيه يدٌ … للبقاءِ أو عضد
… واختلافُه سَدَد
جدَّ في عمارته … مُنْصَفٌ ومضْطَهَد
والغني لخِدمته … كالفقير محتشد
وهو في أعنَّته … ممعنٌ ومطَّرد
والحياة ُ حنظلة ٌ … في حروفها شُهُد
هَيكلُ الشقاءِ له … من مَدامِعٍ عَمَد
قامت النعوش على … جانبَيْهِ والوُسُد
عُرْسُه ومَأْتَمُهُ … غايتاهما نفدُ