إلى المناضلين – محمد مهدي الجواهري

أطِلّوا ، كما اتَّقدَ الكوكبُ … يُنوِّر ما خَبطَ الغَيْهَبُ

وسيروا وان بَعُدَت غايةٌ … وشُقّوا الطريقَ ولا تَتْعَبُوا

ومُدّوا سَواعدَكم انها … معينٌ من الجُهد لا ينضُب

وهاتُوا قلوبَكُمُ أُفرِغِتْ … على نَجدةِ الحَقِّ ، أو فاذْهَبوا

فما إن يَليقُ بمجد النضالِ … ضعيفٌ على نَصرِه يُغصَب

وإنَّ ” غداً ” باسماً يُجتَلَى … بشِقِّ النفوس . ولا يُوهَب

وإني وإن كنتُ صِنْوَ الرجاءِ … في حومةِ اليأسِ ، لا أُغْلَب

أواعدكم من ” غَدٍ ” صادقاً … ويُسرِفُ في الوعد من يَكذب

أمامَكُمُ مُوعِرٌ ، مُلغَمٌ … بشتّى المخاوفِ ، مُستَصْعَب

يَسُدُّ مداخلَه أرقمٌ … وتحمي مسالِكَهُ أذؤب

وسوف يبينُ إذا ما انجَلى … غدٌ ، من يَجِدُّ ، ومن يَلعَب

فسوف يدوِّرُ ” ساعاتِكم ” … بما لا يَسُرُّكُمُ ” عقرب “

وسوف يخونُكُمُ ” خائفٌ ” … وسوف يساوِمُكُم ” أشعَب “

وسوف يزاملُكُم خطوةً … ويَخذِلُكم خُطوةً مُتعَب

وسوف يطولُ عناءُ الطريقِ … عليكُمْ فيَعزبُ منَ يَعْزب

وسوف تَضيقُ بِكُم دُوركُم … وسُوحُ ” السجون ” بكم تَرحُب

فقولوا لمن ظن أنّ الكفاحَ … غَلةُ مزرعةٍ ، تكذِب

وقولوا لمن ظنَ أنَّ الجموعَ … مطايا تُسَخَّرُ : يا ” ثعلب “

تُريدون أنْ تستقيمَ الامورُ … وأن يخلُفَ ” الأخبثَ ” الأطيب

وان تجمَعُوا الشَمْل من أُمَّةٍ … يفرِّقُها ” الجَدُّ ” و ” المذهب “

وأن يأكلَ ” الثَمرَ ” الزارعونَ … وأن يأخُذَ ” الأرضَ ” من يدأب

تريدون أن يعرِفَ الكادحونَ … من ” العيش ” ما عنهُم يُحجَب

تريدون أن تَطْعّنوا في الصميم … رثَّ ” الطباع ” وأن تضرِبوا

ومن دون ذلك أن تَصطلوا … سعيرَ الحياة ، وان تَسغَبوا

وأن ترِدوا ما يمُجُّ القَذَى … وأنَ تَطْعموا منه ما يَجشُب

فلا تحسَبوا أنكم في الجهاد … ” هواةٌ ” يضمُّهُمُ ملعَب

ولا تحسَبوا أن ” مُستثمِراً ” … ظلوماً لمصرعِه يَطرب

ولا تحسَبوا أن ” مستعمِراً ” … يُثارُ عليه ولا يغضَب

ولا تحسَبوا ” الأرضَ ” يَهْنا بها … ذَووها ، وبالدم لا تُخضَب

ولا تحسَبوا ” أنَّهم يَظمأون … وطوعَ أكفِّهمُ المشرَب

فأنذرْ بحنظلةٍ خائنا … تعجَّلَه الثَمرُ الطيب

وبشَّرْ بحُلْو ” الْجَنى ” كادحا … على ” الجِذر ” من شَجر يَضرِب

فلا تهِنوا ، إنَّ هَذي الأكفَّ … تُملي على الدَهر ما يكتب