ألطائر العالي مراده – جبران خليل جبران

ألطائر العالي مراده … ماذا يجشمه مراده

قد يبتغي أوجالسهى … ويخون همته عتاده

ويصاد بين صغاره … إن عز في القحم اصطياده

أودت بإسماعيل نجدته … وأضناه سهاده

رخصت عليه حياته … وغلت على قدر بلاده

لا بدع أن تفنى عزائمه … وأن يأتي رقاده

وفى الجهاد وطاح مختتما … بصرعته جهاده

ألأريحية ذخره … ومكارم الأخلاق زاده

متشبث بالحق يرعاه … وبالله اعتضاده

جمع الأنام على اختلاف … في مشاربهم وداده

جمعا تالفت الخصوم به … وفي ذاك انفراده

فالشعب وفق في هواه … مسودوه أو سواده

أشهدت لهفته عليه … حين قيل دنا بعاده

تشكو مرارته السؤاد … وفي مرائرهم سؤاده

ولمحت ما تحت العبوسة … من شجى تورى زناده

وعرفت من جمر الأسى … ما ليس يستره رماده

وكأن بين ضولعهم … كبدا ألم بها كباده

أنظرت تقويض البناء … الضخم حين هوى عماده

ريعت له شم الصروح … وعم أهليها حداده

فرثى لذاك البيت طارف … عزه ورثى تلاده

لهفي على نجم خبا … لن يجدي العين الإتقاده

أين الفتى الحر الأبي … واين سؤدده وآده

أين الأديب الألمعي … وما يرقشه مداده

ما القول توحيه قريحته … ويبدعه اجتهاده

أين الخ البر الذي … يرجى نداه أو ذياده

أكفى مقيل إن كبا … بأخيه في شوط جواده

أين النقي الطبع في … دهر قد استشرى فساده

طهرت من الأوضار شيمته … ولم يدنس بجاده

يا مضجعا للتوأمين … طوى جمالهما جماده

كأضالع الحاني على … ولديه قد لانت صلاده

سقيا ورعيا لا عداك … العفو ساكبة عهاده

ألفرقدا تواريا … والأفق عاوده أربداده

فليعل فيه ثالث القمرين … وليسلم فؤاده