بلادي لم تزل للنور نبعاً – جمال مرسي
سَقَاكِ اللهُ يا مِصرُ الغماما … و أَلقَمَ جَوفَ شانِئِكِ الضِّراما
حَمَاكِ من العيونِ إذا تَعَامَت … فَلَم تَرَ في الضُّحى إلا الظَّلاما
و تَوَّجَ نِيِلَكِ الدَّفَّاقَ أَمناً … و أَهرامَ الفَرَاعِنَةِ السَّلاما
شَمَمتُكِ في نَسِيمِ الصُّبحِ لَمَّا … تهادى ناثراً عِطرَ الخُزامى
و أَبصَرتُ النَّخيلَ أمامَ عيني … يميلُ مع النَّسائِمِ كالنَّدامى
و قَاهِرةَ المُعِزِّ لها شُمُوخٌ … و أَزهَرَهَا على الدنيا تسامى
يُشَنِّفُ مِسمَعَ الدنيا بِحَقٍّ … يُعَلِّمُها التَّسَامُحَ و النِّظاما
رَجَعتُ بذكرياتي رَغمَ نأيٍ … أُقَبِّلُ يا ابنَةَ النيلِ الرَّغاما
أسيرُ على ضِفافِ النهرِ، أشكو … لَهُ حالي فيرسمُ اْلابتساما
كأنَّا عاشقانِ نذوبُ شَوقاً … و نَقتَسِمُ الأهازيجَ اقتساما
بلادِي ، غُرَّةَ التاريخِ ، إنِّي … أَتُوقُ ، و خافقي بالشوقِ هاما
إذا ما رُدِّدَ اْسمُكِ في مقامٍ … غَدَوتُ بذكرِهِ الأعلى مقاما
يُشيرُ القومُ نحوي بانبهارٍ … و يُنصتُ مِسمعُ الدنيا احتراما
أنا المِصريُّ ، نورُكِ في عروقي … و نارُكِ في حنايا من تعامى
و قلبُكِ للصديقِ رياضُ فُلٍّ … و في وجهِ العدا كانَ الحُساما
عجبتُ لحاقدينَ بلا ضميرٍ … يبيعونَ الكرامةَ و الكِراما
و يتَّبِعونَ شيطاناً مريداً … فيقترفونَ أفعالاً جِساما
يُريقونَ الدماءَ بكلِّ صَوبٍ … فوا عجَباً لإرهابٍ تنامى
مَشَت قَدَماهُ في “خانِ الخليلي” … و طالت كَفُّهُ البيتَ الحراما
و ما ذنبُ الشيوخِ تموتُ غدراً … و ما ذنبُ الصِّغارِ غَدَوا يتامى
و هَل كان الجهادُ بِقَتلِ نَفسٍ … مُؤَمَّنَةٍ ، و لم تَخُنِ الذِّماما ؟
بِلادِي لَم تَزَل لِلنُّورِ نَبعاً … و للإِيمَانِ بُستاناً ترامى
ترعرعَ حُبُّها في حِضنِ قلبي … فصارَ لصدرِ عاشِقِها وساما
و أَضحَت فَوقَ عَرشِ المَجدِ نَجماً … يُضِيءُ لِسائرِ الدُّنيا الظلاما
فَصُنهَا يا إِلَهِي ، و احمِ شعباً … على عِظَمِ الحوادِثِ قد تسامى