الانتظار – إبراهيم ناجي
لعينيكَ احتملنا ما حتملنا … وبالحرمانِ والذلِّ ارتضينا
وهان إِذا عطفتَ ولو خيالاً … وأين خيالك المعبود أينا؟
تعالَ فلم يعد في الحي سارٍ … وهوَّنت المنازلُ بعد وهنِ
وران على نوافذها ظلامٌ … وقد كانت تطلُّ كألف عينِ
تعالَ فقد رأيتُ الكون يحنو … عليّ ويدرك الكرب الملمَّا
ويجلو لي النجومَ فأزدريها … وأغمض لا أريد سواك نجما
ومنتظرٌ بأبصاري وسمعي … كما انتظرتكَ أيامي جميعا
وهل كان الهوى إلاَّ انتظاراً … شتائي فيك ينتظر الربيعا
أرى الآباد تغمرني كبحرٍ … سحيقِ الغور مجهولِ القرار
ويأتمر الظلام عليَّ حتى … كأني هابط أعماق غارِ
وتصطخبُ العواطف ساخرات … وتطعنُني بأطرافِ الحرابِ
وتشفقُ بعدما تقسو فتمضي … لتقرع كل نافذةٍ وبابِ
فصحت بها إلى أن جف حلقي … فحين سكتُّ كلمني إِبائي
وأشعرني العذابُ بعمق جرحي … وأعمق منه جرح الكبرياءِ
ولمّا لَمْ تفزْ بلقاك عيني … لمحتك آتياً بضمير قلبي
فأسمعُ وقعَ أقدامٍ دوانٍ … وأنصتُ مصغياً لحفيفِ ثوبِ
وأخلقُ مثلما أهوى خيالاً … لناءٍ صار من قلبي قريبا
أمدُّ يديَّ في لهف إليه … أشاكيه بمحتسب الدموع
فيسبقني إلى لقياه قلبي … وُثوباً يبرُدُ في ضلوعي
فتصطخب العواطفُ ساخراتٍ … وتطعنُني بأطراف الحرابِ
وتشفق بعدما تقسو فتمضي … لتقرعَ كلَّ نافذةٍ وبابِ