عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ، – حسان بن ثابت
عفتْ ذاتُ الأصابعِ فالجواءُ، … إلى عذراءَ منزلها خلاءُ
دِيَارٌ مِنْ بَني الحَسْحَاسِ قَفْرٌ، … تعفيها الروامسُ والسماءُ
وكانَتْ لا يَزَالُ بِهَا أنِيسٌ، … خِلالَ مُرُوجِهَا نَعَمٌ وَشَاءُ
فدعْ هذا، ولكن منْ لطيفٍ، … يُؤرّقُني إذا ذَهَبَ العِشاءُ
لشعثاءَ التي قدْ تيمتهُ، … فليسَ لقلبهِ منها شفاءُ
كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ … يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ
عَلى أنْيَابهَا، أوْ طَعْمَ غَضٍّ … منَ التفاحِ هصرهُ الجناءُ
إذا ما الأسرباتُ ذكرنَ يوماً، … فَهُنّ لِطَيّبِ الرَاحِ الفِدَاءُ
نُوَلّيَها المَلامَة َ، إنْ ألِمْنَا، … إذا ما كانَ مغثٌ أوْ لحاءُ
ونشربها فتتركنا ملوكاً، … وأسداً ما ينهنهنا اللقاءُ
عَدِمْنَا خَيْلَنا، إنْ لم تَرَوْهَا … تُثِيرُ النَّقْعَ، مَوْعِدُها كَدَاءُ
يُبَارِينَ الأسنّة َ مُصْعِدَاتٍ، … عَلَى أكْتافِهَا الأسَلُ الظِّماءُ
تَظَلُّ جِيَادُنَا مُتَمَطِّرَاتٍ، … تلطمهنّ بالخمرِ النساءُ
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا، … وكانَ الفَتْحُ، وانْكَشَفَ الغِطاءُ
وإلا، فاصبروا لجلادِ يومٍ، … يعزُّ اللهُ فيهِ منْ يشاءُ
وَجِبْرِيلٌ أمِينُ اللَّهِ فِينَا، … وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ أرْسَلْتُ عَبْداً … يقولُ الحقَّ إنْ نفعَ البلاءُ
شَهِدْتُ بِهِ، فَقُومُوا صَدِّقُوهُ … فقلتمْ: لا نقومُ ولا نشاءُ
وَقَالَ اللَّهُ: قَدْ يَسّرْتُ جُنْداً، … همُ الأنصارُ، عرضتها اللقاءُ
لنا في كلّ يومٍ منْ معدٍّ … سِبابٌ، أوْ قِتَالٌ، أوْ هِجاءُ
فنحكمُ بالقوافي منْ هجانا، … ونضربُ حينَ تختلطُ الدماءُ
ألا أبلغْ أبا سفيانَ عني، … فأنتَ مجوفٌ نخبٌ هواءُ
وأن سيوفنا تركتك عبدا … وعبد الدار سادتها الإماء
كَأنّ سَبِيئَة ً مِنْ بَيْتِ رَأسٍ، … تُعفيِّها الرّوَامِسُ والسّمَاءُ
هجوتَ محمداً، فأجبتُ عنهُ، … وعندَ اللهِ في ذاكَ الجزاءُ
أتَهْجُوهُ، وَلَسْتَ لَهُ بكُفْءٍ، … فَشَرُّكُما لِخَيْرِكُمَا الفِداءُ
هجوتَ مباركاً، براً، حنيفاً، … أمينَ اللهِ، شيمتهُ الوفاءُ
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ، … ويمدحهُ، وينصرهُ سواءُ
فَإنّ أبي وَوَالِدَهُ وَعِرْضي … لعرضِ محمدٍ منكمْ وقاءُ
فإما تثقفنّ بنو لؤيٍ … جُذَيْمَة َ، إنّ قَتْلَهُمُ شِفَاءُ
أولئكَ معشرٌ نصروا علينا، … ففي أظفارنا منهمْ دماءُ
وَحِلْفُ الحارِثِ بْن أبي ضِرَارٍ، … وَحِلْفُ قُرَيْظَة ٍ مِنّا بَرَاءُ
لساني صارمٌ لا عيبَ فيهِ، … وَبَحْرِي لا تُكَدِّرُهُ الّدلاءُ