سَكِرَتْ بِخَمْرِ حَدِيثِكِ الأَلْفَاظُ – محمود سامي البارودي
سَكِرَتْ بِخَمْرِ حَدِيثِكِ الأَلْفَاظُ … وَتَكَلَّمَتْ بِضَمِيرِكِ الأَلْحَاظُ
يَا دُمْيَة ً لَوْلا التَّقِيَّة ُ لاَسْتَوَتْ … في حُبِّهَا الْفُتَّاكُ والْوُعَّاظُ
مَا لِي مَنَحْتُكِ خُلَّتِي، وَجَزَيْتِني … نَاراً لَهَا بَيْنَ الضُّلُوعِ شُوَاظُ؟
هَلاَّ مَنَنْتِ إِذ امْتَلَكْتِ فَطَالَمَا … منَّ الكريمُ وقلبهُ مُغتاظُ
فلقد هجرتُ إليكِ جلَّ عشيرتى … فَقُلُوبُهُمْ أَبَداً عَلَيَّ غِلاَظُ
وَنَفَيْتِ عَنْ عَيْنِي الْمَنَامَ، فَمَالَهَا … غيرَ المدامعِ والسهادِ لماظُ
هدا ، وما اختضبت لِغيركِ أسهمٌ … بِدمى ، ولا احتكمت على َّ لحاظُ
فعلامَ تستمعينَ ما يأتى بهِ … عنِّى إليكِ الحاسِدُ الجوَّاظُ ؟
فَصِلِي مُحِبّاً، مَا أَصَابَ خَطِيئَة ً … فِي دِينِ حُبِّكِ، وَالْغَرَامُ حِفَاظُ
يَهْوَاكِ حَتَّى لاَ يَمِيلُ بِطَبْعِهِ … فِي حُبِّكِ الإِيذَاءُ وَالإِحْفَاظُ
نابً المضاجعِ ، لا تزورُ جفونَهُ … سِنَة ُ الْكَرَى ، وَأُولُو الْهَوَى أَيْقَاظُ
مُتحمِّلٌ ما لو تحمَّلَ بعضَهُ … أهلُ المحبَّة ِ والغرامِ لفاظُوا
فإذا استهلَّ تربَّعوا فيما جَرى … من دمعهِ، وإذا تنفَّسَ قاظوا
هَذَا هُوَ الْحُبُّ الَّذِي ضَاقَتْ بِهِ … تِلْكَ الصُّدُورُ، وَقَلَّتِ الْحُفَّاظُ