رويدكَ قد أفنيتَ يا بينُ أدمعي – بهاء الدين زهير
رويدكَ قد أفنيتَ يا بينُ أدمعي … وَحَسبُكَ قد أضْنَيتَ يا شوْقُ أضْلعي
إلى كَمْ أُقاسي فُرقَة ً بعدَ فُرْقَة ٍ … وَحتى متى يا بَينُ أنتَ مَعي مَعي
لقد ظَلَمَتْني وَاستَطالَتْ يَدُ النّوَى … وقد طَمِعتْ في جانبي كلَّ مَطمَعِ
فلا كانَ من قد عرَّفَ البَينَ موْضِعي … لقد كنتُ منهُ في جنابٍ ممنعِ
فيا راحلاً لم أدرِ كيفَ رحيلهُ … لِما رَاعَني مِن خَطبِهِ المُتَسَرّعِ
يلاطفني بالقولِ عندَ وداعهِ … ليُذْهبَ عني لَوْعَتي وَتَفَجّعي
وَلمّا قَضَى التّوْديعُ فينا قَضاءَهُ … رجعتُ ولكن لاتسل كيفَ مرجعي
فيَا عَينيَ العَبرَى عَليّ فأسْكبِي … ويا كبدي الحرى عليهمْ تقطعي
جَزَى الله ذاكَ الوَجهَ خَيرَ جَزائِهِ … وَحَيّتْهُ عني الشّمسُ في كلّ مطلعِ
وَيا رَبِّ جَدّدْ كُلّما هَبّتِ الصَّبَا … سلامي على ذاكَ الحبيبِ المودعِ
قِفُوا بَعدَنَا تَلْقَوْا مَكانَ حَديثِنَا … لَهُ أرَجٌ كالعَنْبَرِ المُتَضَوِّعِ
فيعلقَ في أثوابكمْ من ترابهِ … شذا المسكِ مهما يغسلِ الثوبُ يسطعِ
أأحبابَنا لم أنسَكُمْ وَحَياتِكُمْ … وما كانَ عندي ودكم بمضيعِ
عَتَبْتُمْ فَلا وَالله ما خُنتُ عَهدَكم … وَما كنتُ في ذاكَ الوَدادِ بمُدّعي
وَقُلتُمْ علِمنا ما جَرَى منكَ كُلَّهُ … فَلا تَظلِمُوني ما جرَى غيرُ أدمُعي
كَما قُلتُمُ يَهنيكَ نَوْمُكَ بَعدَنَا … وَمِنْ أينَ نَوْمٌ للكئيبِ المُرَوَّعِ
إذا كنتُ يَقظاناً أراكُمْ وَأنْتُمُ … مقيمونَ في قلبي وطرفي ومسمعي
فما ليَ حتى أطلُبَ النّوْمَ في الهَوَى … أقولُ لعلّ الطيفَ يطرقُ مضجعي
ملأتمْ فؤادي في الهوى فهوَ مترعٌ … وَلا كانَ قلبٌ في الهوَى غيرَ مُترَعِ
ولمْ يَبقَ فيهِ موْضِعٌ لسواكُمُ … ومن ذا الذي يأوي إلى غيرِ موضعِ
لحَى الله قَلبي هكَذا هوَ لم يَزَلْ … يحنّ ويصبو لا يفيقُ ولا يعي
فلا عاذِلي يَنفَكّ عَنِّي إصْبَعاً … وقد وَقَعَتْ في رَزّة ِ الحُبّ إصْبَعي
لَئِنْ كانَ للعُشّاقِ قَلْبٌ مُصَرَّعٌ … فما كانَ فيهمْ مصرعٌ مثلُ مصرعي