إنَّ الذي خلقَ الإنسانَ منْ علقِ – محيي الدين بن عربي
إنَّ الذي خلقَ الإنسانَ منْ علقِ … أبداهُ في طبقٍ في الحالِ عنْ طبقِ
لا يعرفُ الحقَّ إلا القائلون به … الخارجون عن التقريبِ بالملقِ
فما يقوم بهم مما يكون له … منَ المكارِهِ محمولٌ على الحدقِ
ما أوجد الله إنساناً من العلق … إلا ليعلمَ ما فيهِ من العلقِ
لذاكَ عشقهُ بكلِّ نازلة ٍ … والعشقُ لفظة ٌ اشتقتْ من العشقِ
ليس الحجاب الذي يعمي بصيرته … إلا الذي هو فيه من عمى الغسق
والعينُ منْ فالقِ الإصباحِ تبصرهُ … بما لديها من الأنوار للفلق
ما كلُّ مَن ذاق طعما نال لذته … منْ لمْ يذُقْ طعمَ حبِّ اللهِ لمْ يذقِ
إنَّ الذي هو في عمياءَ مُظلمة ٍ … منْ نفسهِ لا يزالُ الدهرُ في فرقِ
فإنْ بدا علمَ منهُ يدلُّ على … تعيينهِ زالَ عنهُ حاكمُ الفلقُ
فليسكنِ القلبَ في توحيد مشهدِه … ويذْهبِ العينَ عنهُ لاعجُ الحرقِ