سنحتْ في السربِ من حُورِ الجنانْ – عبدالجبار بن حمديس
سنحتْ في السربِ من حُورِ الجنانْ … ظبية ٌ تبسم عن سِمطي جُمانْ
وكأنَّ العَيْنَ منها تجتلي … بَرداً، للبرق فيه لَمعانْ
بنتِ سبعٍ وثمانٍ وَجَدَتْ … عُمُرِي ضَرْبَكَ سبعاً في ثمان
في شبابٍ بهِجٍ وفّى لها … وثنى ريعانَهُ عنّي فخان
يستبي النَّاسكَ منها ناظرٌ … ساحرُ الطّرفِ عليلُ اللّحظان
وأثيثٌ ذو عقاصٍ غيّمَتْ … فيه للمندل أنفاسُ دخان
يا لها من جنّة ٍ رمّانُها … ما دَرَتْ ما لمسهُ راحة ُ جانْ
يا عليلَ القلب كم ذا تشتهي … سوسنَ النحرِ وعُنّابَ البنان
وأوانُ الهجرِ لا يُجْنَى بهِ … ثَمَرٌ كان لها الوَصْلُ أوان
إذ شَبابي غَضة ٌ أوراقُهُ … وحديثي تُحَفٌ بين الحسان
وقطوفُ اللهو من قاطفها … دانياتٌ ببنيّاتِ الدّنان
كلّ عذراء عجوز قد علا … رأسَها في الدنّ شيبُ القُمُّحان
وكأنَّ الكفّ من حُمرَتِها … غُمستْ أنملها في الأرجوان
صَرْفُها يقسو فيبدي غضباً … فإذا أرْضَيْتَهُ بالمزْجِ لان
رَبّة َ القُرْطِ الذي أحسبه … راشَ للقلب جناحَ الخفقان
إنْ يكن سحركِ قد خُصّ به … لحظُ طرفٍ منك أو لفظُ لسان
فعليٌّ بأسهُ خُصّ بهِ … حدُّ سيفٍ منه أو حدُّ سنان
منعم تهوى القوافي مدحهُ … أوَمَا ناظِمُ مَعناها مُعان
معرقٌ في المجد من آبائه … أسُدِ الرّوع وأملاكِ الزمان
جلّ مِنْ شبلٍ أبوه قَسْوَر، … بَطَلُ الحرْبِ بكفّيهِ جبان
إنْ تلا يحيى عليٌّ في العلى … فبِما دانَ من الإحسان دان
كلَّ يومٍ في المعاني قدرهُ … بسماءِ الملك ينمي للعيانْ
وهلالٌ أوّلُ البدرِ الّذِي … يَرْتَدي بالنور منه الأفقان
كم طريدٍ مُستقرٍ عنده … من حرورِ الخوفِ في ظلّ أمانْ
وفقيرٍ مُعْسِرٍ قد صانَهُ … من مهين الفقر بالمال المهان
كان في غير حماه غرضاً … لِسِهامٍ فُوّقَتْ بالحدثان
في جفافِ العُدمِ حتى غرفَتْ … من يديه في الغنى منه يدان
يشتري بالحمد فقراً كيف لا … يُشترى باقٍ مع الدّهرِ بفان
جادَ حتى قيل هلْ أمواله … عند أهل القصد في صَوْن اختزان
وإذا الهيجاءُ شبّتْ نارُها … بالرقاق البيض والسُّمر اللدان
وأثارتْ شُزَّبُ الجُرْدِ بها … عِثْيراً يسودّ منه الخافقان
فكأنّ الليلَ مما أظلمتْ … جُنّ أو ألقى على الأرض جِران
صادَ بالبأس عليٌّ صِيدَهَا … وثنى منها عن النصر عِنان
بيمينٍ صَيّرَتْ خاتمها … تاجُ عَضبٍ يقطفُ الهامَ يمانْ
وكأنَّ اللّيثُ من صَعْدَتِهِ … بفؤادِ الذِّمْرِ يعني أفعوان
يسرق المهجة َ من عاملهِ … في أضاة ِ الدرع للنار لسان
لست أدري أدَمٌ في رمحه … مِنْ جنان الدهر أم ورد الجنان
يا ابن يحيى أنتَ ذو الطَّوْل الذي … أوّلٌ نائله، والبحر ثانْ
فابقَ للمعروف في العزِّ وَدُمْ … من علوّ القدر في أعلى مكان
وعلى وجهك للبِشرِ سنا … وعلى قَصدكَ للنجمِ ضمان