نعائي ابن ليلى للسماح وللندى – الفرزدق
نعائي ابنَ لَيْلى للسّمَاحِ ولَلنّدَى … وَأيْدِي شَمَالٍ بَارِداتِ الأنَامِلِ
يَعَضّونَ أطْرافَ العِصِيّ تَلُفّهُمْ … من الشأمِ حَمَراءُ السُّرَى وَالأصَائِلِ
سَرَوْا يَرْكَبون اللّيل حتى تَفرّجَتْ … دُجاهُ لَهُمْ عن وَاضِحٍ غَيرِ خاملِ
يُجاوِزُ سارِي اللّيلِ مَن كانَ دُونَهُ … إلَيْهِ، وَلا يُمْضِيهِ لَيْلٌ بِنَازلِ
وَقَدْ خَمَدَتْ نارُ الندى بَعدَ غالبٍ، … وَقَصّرَ عَنْ مَعرُوفِهِ كلُّ فاعِلِ
ألا أيّها الرّكْبَانُ إنّ قِراَكُمُ … مُقيمٌ بِشَرْقيّ المقَرْ المُقَاتِلِ
بهِ فانْزِلُوا فابكُوا عَلَيْهِ فإنّكُمْ … وَمِقْرَاهُ كَالنّاعي أبَاهُ المُزَايِلِ
فإنّا سَنَبْكي غالِباً، إنْ بَكَيْتُمُ … لحاجَتِكُمْ للمُعْضِلاتِ الأثَاقِلِ
على المُطعِمِ المَقْرُورِ في لَيْلَةِ الصبَّا، … دَفُوعٍ عَنِ المَوْلى بنْصْرٍ وَنَائِلِ
وَما نَحنُ نَبْكي غالِباً ليْسَ غَيرُنا، … ولَكِنْ سَيَبْكي غالِباً كُلُّ عَايِلِ
ليَبْكِ ابنَ لَيلى غاطِشٌ سارَ شُقّةً، … وَحَبْلانِ حَبْلا مُسْتَجِيرٍ وَسَائِلِ
فَلَيْتَ المَنَايَا كُنّ مُوّتْنَ قَبْلَهُ، … وَعاشَ ابنُ لَيلى للندى وَالأرَامِلِ