ما أشبه العرفَ والإحسان بالحَسَنِ – ابن الرومي
ما أشبه العرفَ والإحسان بالحَسَنِ … أبي محمدٍ المحمود ذي المِنن
ذاك الذي لا يقي مالاً بصفحتِه … بل يَلبسُ المالَ دون الذم كالجُنن
خِرْقٌ تعرضتِ الدنيا له فصَبا … إلى المكارم منها لا إلى الفتَنِ
وخصَّنا بجَناها لا بشوكتها … فنحن في نعم منها بلا محنِ
أذال في العُرف وجهاً غير مبتذَلٍ … وأخدم المجدَ جسماً غير مُمْتَهِن
له حريمٌ إذا ما الجارُ حلَّ به … أضحى الزمانُ عليه جدَّ مؤتمنِ
كأنه جنة ُ الفردوس قد أَمِنَتْ … فيها النفوس من الروعات والحَزن
كم قد وقفنا على أيام دولتهِ … فما وقفنا بأطلالٍ ولا دِمَنِ
وكم عكفنا على الظن الجميل به … فما عكفنا بطاغوتٍ ولا وثن
فتى ً أبى الله إلا أن يكمِّله … قولاً وفعلاً فلم يَبخس ولم يخُن
إذا جرى في فَعالٍ لم يقف سأماً … دون القواصي ولم ينكبْ عن السَّنَن
وإن تكلم لم يَخْبِط مسالكه … بل قال عن لقنٍ يُمْلي على لَسنِ
أضحى وحظ يديه من ثرائهما … كحظ عينيهِ من وجهٍ له حسن
كما يرى الناس في يومٍ محاسنَهُ … أضعاف ما هو رائيهن في زمنِ
تنال سُؤالهُ من مالهِ أبداً … أضعافَ ما يقتني للروح والبدنِ
لقد أوى الجودُ من بعد ابنِ مامته … وبعد حاتمه منه إلى سكن
رِدْهُ بلا شَطن إن كنتَ واردَهُ … أغنَى الفراتُ يد الساقي عن الشَّطَّنِ
هذا لذاك وإن لم نوف سيدنا … حقَّ الثناء وكان الحقُّ ذا ثمَن
واسمع أبا جعفر إن كنت متسمعاً … فلم تزل ماجد الإصغاء والأذن
يا من حكى حاتماً في كل مكرُمة … ومن يُعِنْ ذا فعالٍ صالح يُعَن
خلفتَ وابنُ وزير الصدق حاتمكم … جودا فأَصبح منشوراً من الكفن
ونحن في هذه الدنيا عيالكمُ … والناسجون برود الحمد بالفِطن
ولم تزل لك في أمثالنا سُننٌ … يرْضى بها الله في سرٍ وفي علن
ونحن نرجو رجاءً جُلُّه ثقة ٌ … ألا يخالف فينا صالح السُّنن
آمالُنا فيك أموالٌ محَصَّلة ٌ … وظننا فيك مرفوع عن الظِّنن
وقد تضمنتَ أرزاقاً نعيش بها … وكان وعدك والإنجازُ في قَرَن
فعجِّل الغوثَ إنا منك نأمله … يا سيدَ الغوث يا سيد اليمن