1916 – إيليا أبو ماضي
كم ، قبل هذا الجيل، ولّى جيل … هيهات ، ليس إلى البقاء سبيل
ضحك الشّباب من الكهول فإغرقوا … واستيقظوا، فإذا الشّباب كهول
نأتي ونمضي والزّمان مخلّد … الصّبح صبح والأصيل أصيل
حرّ وقرّ يبلسان جسومنا … ليت الزّمان ، كما نحول، يحول
إنّ التّحول في الجماد تقلّص … في الحي موت؛ في النّبات ذبول
قف بالمقابر صامتا متأملا … كم غاب فيها صامت وسؤول
وسل الكواكب كم رأت من قبلنا … أمما، وكم شهد النّجوم قبيل
تتبدّل الدّنيا تبدّل أهلها … واللّه ليس لأمره تبديل
يا طالعا لفت العيون طلوعه … بعد الطّلوع ، وإن جهلت ، أفول
عطفا ورفقا بالقلوب فإنما … حقد القلوب على أخيك طويل
أنظر فوجه الأرض أغير شاحب … واسمع فأضوات الرّياح عويل
ومن الحديد صواعق ، ومن العجاج … غمائم، ومن الدّماء سهول
ما كنت أعلم قبلما حمس الوغى … أنّ الضّواري والأنام شكول
يا أرض أوربّا ويا أبناءها … في عنق من هذا الدّم المطلول؟
في كلّ يوم منكم أو عنكم … نبأ تجيء به الرّواة مهول
مزّقتم أقسامكم وعهودكم … ولقد تكون كأنّها التّنزيل
وبعثتم الأطماع فهي جحافل … من خلفهن جحافل وخيول
ونشرتم الأحقاد فهي مدافع … وقذائف وأسنّة ونصول
لو لم تكن أضغانكم أسيافكم … أمسى بها، مّما تسام، فلول
علّمتم((عزريل)) في هذي الوغى … ما كان يجهل علمه عزريل
إن كان هذا ما يسمى عندكم … علما، فأين الجهل والتّضليل
إن كان هذا ما يسمى عندكم … دنيا فأين الكفر والتّعطيل
عودا إلى عصر البداوة ، إنّه … عصر جميل أن يقال جميل
قابيل، يا جدّ الورى ، نم هانئا … كلّ امرىء في ثوبه قابيل
لا تفخروا بعقولكم ونتاجها … كانت لكم، قبل القتال ، عقول
لا أنتم أنتم ولا أرباضكم … تلك التي فيها الهناء يقيل
لا تطلبوا بالمرهفات ذحولكم … في نيلها بالمرهفات ذحول
إنّ الأنام على اختلاف لغاتهم … وصفاتهم ، لو تذكرون ، قبيل
يا عامنا هل فيك ثّمة مطمع … بالسّلم هذا الشقاء يطول
مرّت عليها حجتّان ولم تزل … تتلو الفصول مشاهد وفصول
لم يعشق النّاس الفناء وإنّما … فوق البصائر والعقول سدول
أنا إن بسمت ، وقد رأيتك مقبلا … فكما يهشّ لعائديه عليل
وإذا سكنت إلى الهموم فمثلما … رضي القيود الموثق المكبول
لا يستوي الرّجلان ، هذا قلبه … خال وهذا قلبه ( لجهول)
لا يخدعنّ العارفون نفوسهم … إنّ المخادع نفسه لجهول
في الشّرق قوم لم يسلّوا صارما … والسّيف فوق رؤوسهم مسلول
جهلوا ولم تجهل نفوسهم الأسى … أشقى الأنام العارف المجهول
أكبادهم مقروحة كجفونهم … وزفيرهم بأنينهم موصول
أمّا الرّجاء، وطالما عاشوا به … فالدّمع يشهد أنّه مقتول
واليأس موت غير أن صريعه … يبقى، وأمّا نفسه فتزول
ربّاه، قد بلغ الشّقاء أشدّه … رحماك إنّ الرّاجعين قليل
في اللّه والوطن العزيز عصابة … نكبوا ، فذا عان وذاك قتيل
لو لم يمت شمم النّفوس بموتهم … ثار الشآم ، لموتهم ، والنّيل
يا نازحين عن الشآم تذكروا … من في الشّآم وما يليه نزول
همّ الممالك في الجهاد ، وهمّكم … قال تسير به الطّروس وقيل
هبّوا؛ اعملوا لبلادكم ولنسلكم … بئس الحياة سكينة وخمول
لا تقبطوا الأيدي فهذا يومكم … شرّ الورى جعد البنان بخيل
وعد الاله المحسنين ببرّه … وكما علمتم ، وعده تنويل