يهنا بطيب النوم ليل الحبائب – ابن شيخان السالمي
يُهَنّا بطيب النوم ليلُ الحبائب” … “وبالسُّهْد ليل الصب رحب الجوانب
سهرتُ بليلٍ لا لصبغة لونه” … “انجلاءُ ولا نجمْ السماء بغارب
أبثّ به كتب المحبة والأسى” … “يقابلني فيه ببثِّ الكتائب
أما للوجوه المسفرات بليلنا” … “طلوعٌ فإني بعدها في غياهب
وهل لليالي الماضيات بطيبها” … “رجوع فحالي في النوى والنوادب
كأن ليالي الوصل في زمن الصبا” … “قلائد در في نحور الكواعب
وريَّانة الساقين ظمآنة الحشى” … “عظيمة خف الردف بِيضُ الترائب
مطالعها في آل سعد شوارق” … “عجبت ويعزى أصلها للغوارب
غفيلية قلباً لآل مسلَّمٍ” … “بهاها ولكن لحظها من محارب
وآل جراد عاذِلوها وما دروا” … “هواي عريقاً في لؤي بن غالب
خلوت بها والغصن والظبي والنقا” … “وبدر السما يبدي كآبة شاحب
بثثنا الهوى والنجم في صفحة السَّما” … “ونفس الدّجى للنقل أضبط كاتب
وليسَ لنا إلا المجرَّةَ حانةٌ” … “نحنّ لها ما بين سَاقٍ وشارب
كأنَّ محيّاها بليل فروعها” … “بياض العطايا في سوادِ المطالب
جوارحها كادت تذوب لطافةً” … “جوامد لكن أُمسكت بذوائب
رهنتُ الحشى في قوس حاجبها هوىً” … “ولا أرتضي رهناً لها قوس حاجب
لها حسنُ وجه ضاءَ بين عقودها” … “كبدرِ سماءٍ زُيّنت بالكواكب
لها حركات للهوى تجذب النهى” … “كما يجذب الأهواء عصر الشبائب
مضى دهرها والخير والفضل إثْرُهُ” … “ودهر الفتى في زي معطٍ وسَالبِ
ولم يبق في ذا الدهر من طالب العلا” … “سوى سادةٍ شمّ الذرى والمناصب
ولا مات أهل المكرمات وفيهم” … “خليفة شهماً مصلحاً نجل حارب
همام دعته كل علياء رغبة” … “فكان لها كُفئاً وأكرمَ خاطب
تعرّق في أصل العُلا فاحتواؤه” … “على شرف حلَّ السما بالمناكب
أبالخال أم بالعم أم بسليله” … “وبالأب أم بالجد عز المناسب
كغيث تدلىّ من سَماء بروضة” … “فعمّمها بالنبت من كل جانب
ملوك عظام ترجف الأرض منهم” … “إذا برزوا يوم الندى والكتائب
وسيّدنا الشهم الهمام خليفة” … “شتيتُ العطايا جامع للمناقب
ففي كل يوم ماله في نوادب” … “وفي كل يوم حاله في مآرب
يروقك مثل السيف حُسْناً وبهجة” … “وكالغيث أبدته ثغور السَّحائب
ملا هِبَةً أيدي العُفاة وهيبة” … “صدورهم كالبحر مُبدي العجائب
فذا واهب يغني النهى بالمناهب” … “وذا ناهبٌ يحيي اللهى بالمواهب
بدا طالعاً كالبدر في ربوة العُلا” … “فبوَّأهُ المقدار أعلى المراتب
ولمَّا تثنت زنجبار مسرة” … “به استنهضت في حقها كل واجب
ولما استوى حكماً على عرشها زهت” … “كزَهْو عروس في زمان الشبائب
غدت روضة غنّاء طيّبة الجنى” … “مُعطّرة الأنفاس خَضْرَا الجوانبِ
هنيئاً لها إذ صار قيِّمَ أمرها” … “وهُنّي بها من ربّةِ الحُسن كاعبِ
ولا زال مبدوءاً بأول مَرّة” … “بخير ومختوماً بحُسن العَواقب