يصل الغمام – عبدالعزيز جويدة

يصلُ الغمامُ الليلةَ الأولى

مِن الشهر المُحرَّمِ في المدينةْ

فامسحْ لنا وَجْهَ الليالي

وابتسِمْ في وجهِنا

فلعلَّنا نَنسى ليالينا الحزينةْ

يا أُمَّنا

أتُرى اتفقنا في الرؤَى

أَم أن أرضَ اللهِ واسعةٌ

ولكن ربَّما ضاقتْ علينا

ضاقَ الفضاءُ من الضغينةْ

ما عادَ يمنحُنا أحدْ

حَقَّ اللجوءِ

ولا اللجوءُ الآنَ أصبحَ كلَّ رغبتِنا الدفينةْ

يا لحظةَ التشريدِ عفوًا

قد نسيتُ هُويَّتي

خِتْمُ الخروجِ أو الدخولِ قضيَّتي

ينتابُ كلَّ الحاضرينَ الآنَ شيءٌ من ذهولْ

فأنا المهرِّجُ والمُرابي والمنافقُ والكسولْ

أخرجْتُ سيجارًا وعودَ ثِقابٍ

ثم أشعلتُ الوطنْ

ماذا أقولْ ؟

يا بنتَ عَمي حاولي

أن تُجهضي الأحلامَ فورًا

الحَملُ كاذبْ

والتقاريرُ تَقولْ

أعوامُنا ظلَّتْ من المنفى إلى المنفى

وعُمرُكَ في المنافي

ربما ولدي يطولْ

عانيتَ مِن حُممِ التوهُّجِ مرةً

ولألفِ عامٍ

كم تُعاني في الذبولْ

وأنا هنا في الأرضِ

مِن غيظي

ثيابي تَحترقْ

يا حاملينَ الجُرحَ رفقًا

بالجراحِ

فقد يُلوثُها الحنينُ أو العرقْ

يقفُ الترابُ على مآذنِ قريتي

صوتُ المؤذنِ يَختنقْ

عَوَّدتَنا أن الحياةَ من المماتِ

فَمُتْ بنا

إن لم نَمُتْ حَرقًا هنا

فلربما مِتنا غَرَقْ

هو صوتُ أمي قادمٌ

من غرفةِ التحقيقِ يزهو

كلما قد أوجعوها بالسياطِ

تلوحُ شمسٌ في الأفقْ

يا أمنا لا تحزني

وتألَّقي في غرفةِ التعذيبِ

إن عذابَنا

سببُ البقاءْ

سيظلُّ يمنحُنا العَبقْ

وتَدفَّقي فوقَ الربوعِ وسافري

في الموتِ

إن مماتَنا يَهَبُ الحياةَ

لمن صدَقْ

.